وأنت خبير بعدم إتقان الجوابين ، أمّا الأوّل فلأنّ الاستدلال ـ عندئذ ـ يكون جدليّاً ، لا برهانياً ، لأنّ المستدل والمجيب قائلان بالتبعية ، فكيف يكون المجيب في مقام الإجابة أشعرياً.
وأمّا الثاني فللاتفاق على عدم وجوب قصد الوجه وإلا لامتنع الاحتياط ، ومن قال بوجوبه فإنّما قال عند التمكّن ، لا في مثل المقام.
ولذلك نرى أنّ المحقّق الخراساني نقد كلام الشيخ الأنصاري بوجه مبسّط لم يعرف منه ـ ذلك التبسيط ـ في مقام آخر.
والأولى في مقام الجواب أن يقال : إذا كان الغرض ، متعلقاً للأمر كما إذا أمر المولى بصنع معجون يقوّي الأعصاب ، فشك العبد في الأجزاء المحصلة لهذا الغرض هل هي تسعة أو عشرة فلا شكّ في وجوب الاحتياط ، لأنّ المأمور به أمر بسيط ، غير دائر أمره بين الأقل والأكثر ، وما يدور أمره بينهما غير مأمور به.
وأمّا إذا تعلّق الأمر بمركب ذي أجزاء أمر المولى به لأجل غرض له ، وشكّ في أنّ الغرض المحصِّل له هو الأجزاء التسعة أو العشرة ، ففي مثل ذلك لا يجب الاحتياط ، لأنّ الواجب على العبد في مجال الإطاعة ، الإتيان بما تعلّق به الأمر كاملاً ، سواء أكان محصلاً للغرض أم لا ، وذلك انّه لو لم تكن الأجزاء المعلومة محصلة لغرضه كان عليه البيان إمّا بالعنوان الأوّلي ، كأن يبيّن الجزء المشكوك ويكون البيان واصلاً ، أو بالعنوان الثاني ، كأن يقول : إذا شككت في جزئية شيء للمأمور به فعليك بالاحتياط.
وعلى ضوء ذلك فالزائد على الأقل لم تقم الحجّة عليه لا تكليفاً ولا غرضاً.
أضف إلى ذلك انّه لو كان مانعاً من جريان البراءة العقلية ، يجب أن يكون مانعاً من جريان البراءة الشرعية ، مع أنّ المحقّق الخراساني الذي اعتمد على هذا الدليل ، قد ذهب إلى جريان البراءة النقلية كما سيوافيك.