المدينة ، ثمّ إلى الكوفة ، ومنها يبعث عسكره إلى الأطراف ، كما ستأتي الأخبار الدالّة على ذلك كلّه .
فإذا كان هكذا قول الشيعة ، كما تنادي به كُتُبهُم ، ونقل أقوالهم وأخبارهم ، فمِن أين وجد هؤلاء الطاعنون تلك المزخرفات التي ذكروها ، سوى محض الافتراء على الشيعة للتمويه على الجُهّال ، وإلاّ فليأتوا بكتاب واحد من الشيعة مشتمل على شيء ممّا نسبوه إليهم ، كيف لا وخطباؤهم ينادون على المنابر أيّام الجمعة والأعياد في ألقاب هذا الإمام عليهالسلام بقولهم : الغائب عن الأبصار ، والحاضر في الأمصار ، الذي يَظهر في بيت اللّه ذي الأستار ، ويُطهّر الأرض عن لوث الكفّار ، فظهر حينئذٍ أنّ هؤلاء أنفسهم هم الذين جهلهم لا مزيد عليه (دون الشيعة ، حتى أنّهم هم الذين)(١) (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ)(٢) على رغم أُنوفهم ، وكأنّهم لمّا رأوا أنّ الشيعة يزورونه في السرداب سقفوا عليهم هذه السقيفة ، ولم يعلموا أنّ ذلك لا يدلّ على كون اعتقادهم أنّه فيه ، كما أنّهم يزورون آباءه عليهمالسلام عند قبورهم ، مع أنّهم يعتقدون في أجساد الأئمّة عليهمالسلام أنّها (بعينها تنقل بعد الدفن بأيّام)(٣) من القبور إلى الجنّة ، وأنّهم أحياء عند ربّهم يُرزقون ، حتّى يحضرون عند قبض الأرواح وغيره ، كما هو صريح الآية(٤) والرواية(٥) ؛ ولهذا تراهم يزورونه أيضاً وكذا(٦) آباءه عليهمالسلام في
____________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «م» .
(٢) سورة الصفّ ٦١ : ٨ .
(٣) بدل ما بين القوسين في «م» هكذا : «لا تبلى وأنّها تنقل بعد الدفن بأيّام بعينها» .
(٤) إشارة إلى الآية ١٦٩ من سورة آل عمران ٣ .
(٥) انظر : أوائل المقالات (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ج٤) : ٧٢ ـ ٧٤ ، وبصائر الدرجات : ٤٦٣ / ١ و٣.
(٦) في «م» : «كما يزورون» ، بدل : «وكذا» .