سائر المواضع متوجّهين إلى القبلة .
ولقد ظهر ممّا بيّناه دفع الشبهة التي موّه بها أيضاً بعض المخالفين على بعض الجهلة ، فقال : إذا كان الإمام عليهالسلام غائباً ، كما تقول الشيعة في الحجّة المهديّ ، فأيُّ فائدةٍ في إمامته حينئذٍ وهو غير متمكّن ، بحيث لا يتيسّر له إجراء لوازم الإمامة والحكومة ، واستنقاذ رعيّته من الظلم والضلالة .
وذلك لأنّا نقول : كلامك هذا تمويه وتمحّل للإجمال الذي فيه ؛ لأنّ مرادك : إن كان عدم حصول انتفاع منه أصلاً حال غيبته أبداً ، فليس كذلك ؛ لما بيّنّاه وأشرنا إليه من أقسام المنافع المترتّبة على وجوده الشريف ، وأنّه كالشمس تحت السحاب .
وإن كان مرادك : أنّ مثل هذا لا يكفي بل لا بدّ من غيره أيضاً كإقامة الحدود وأمثالها ، فذلك غير مسلّم لزومه في كلّ حالة ؛ لأنّ الذي على الإمام لا يخلو من وجهين :
أحدهما : لزوم قيام كلّ إمام بما أمكنه وتيسّر له ، وحينئذٍ لا محالة يكفي ما ذكرناه في حالة غيبته ، وعدم تمكّنه على ما سواه ، كما كان كذلك طريقة آبائه من اكتفائهم على القيام بما تيسّر لهم .
وثانيهما : لزوم تصدّي كلّ إمام لجميع ما يتعلّق به ، والقيام بكافّة علائقه وإن كان ممّا لم يتيسّر له ، فهو ممنوع ، بل ظاهر البطلان ؛ ضرورة سقوط التكليف بما لا يطاق ، وأيُّ إمام ، بل وأيُّ نبيٍّ قدر على ذلك ، ألا ترى أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله كيف ترك المنافقين وسائر الكفّار على نفاقهم وكفرهم ، وكان يداري الناس حتّى جماعة من أصحابه ، أَلَمْ يقل لهم عند