ويُؤنس اللّه به وحشة قائمنا في غيبته ، ويصل به وحدته ، فله البقاء في الدنيا مع الغيبة عن الأبصار»(١) .
وقد روى هذا الخبر أبو جعفر الصدوق في عدّة من كتبه الموجودة عندنا بلا واسطة عن الورّاق ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن إسحاق ، بلا واسطة بينهم أيضاً ، بوجه أبسط هكذا : قال أحمد : دخلتُ على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام وأنا أُريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فقال لي مبتدئاً : «يا أحمد ، إنّ اللّه عزّ وجلّ لم يُخل الأرض منذ خلق آدم عليهالسلام ولا يُخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة له على خلقه ، به يدفع البلاء عن أهل الأرض ، وبه ينزّل الغيث ، وبه يخرج بركات الأرض» .
قال : فقلت : يابن رسول اللّه ، فمَن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض عليهالسلام مسرعاً فدخل البيت ، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلامٌ ، كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين ، فقال : «يا أحمد ، لولا كرامتك على اللّه عزّ وجلّ وعلى حججه ما عرضتُ عليك ابني هذا ، إنّه سميُّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وكنيته كنيته ، وهو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .
يا أحمد ، مَثَله في هذه الأُمّة مَثَل الخضر عليهالسلام ، ومَثَله مَثَل ذي القرنين ، واللّه ، ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيه إلاّ من ثبّته اللّه على القول بإمامته ، ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه» .
قال أحمد : فقلت : يا مولاي ، هل من علامة يطمئنّ إليها قلبي؟ فنطق الغلام عليهالسلام بلسان عربيّ فصيح فقال : «أنا بقيّة اللّه في أرضه ، والمنتقم له
____________________
(١) الخرائج والجرائح ٣ : ١١٧٤ / ٦٨ ، الدرّ النظيم : ٧٥٩ ، منتخب الأنوار المضيئة : ٧٤ ـ ٧٥ .