بسرّ من رأى ، فوجدته عالماً جليلاً ، فقلت له : أكرم على أخيك ببعض ما شاهدت منهما عليهماالسلام ومن آثارهما .
فقال : كان مولانا عليّ بن محمّد العسكريّ عليهالسلام فقّهني في أمر الرقيق ، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلاّ بإذنه ، فاجتنبتُ بذلك موارد الشبهات حتّى كملت معرفتي فيه ، فبينا أنا ذات ليلة في منزلي بسُرّ من رأى ، إذ قرع الباب قارع ، فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن عليهالسلام يدعوني إليه ، فلبستُ ثيابي ، ودخلت عليه ، فرأيته يُحدّث ابنه أبا محمّد عليهالسلام وأُخته حكيمة(١) من وراء الستر ، فلمّا جلستُ قال : «يا بشر ، إنّك من ولد الأنصار ، وهذه الولاية لم تزل فيكم خلفاً عن سلفٍ ، وأنا مشرّفك بفضيلة تَسبق بها سائر الشيعة ، وبسرٍّ أُطلِعَك عليه ، فأنفذك في تتبّع أمره» فكتب كتاباً مغلقاً بخطّ روميّ ، ولغة روميّة ، وطبع عليه خاتمه ، وأخرج صُرّةً صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً فقال لي : «خذها وتوجّه بها إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوةً يوم كذا وكذا ، فستجد هناك بيّاعي السبايا ومعهم جماعة من وكلاء قوّاد بني العبّاس وفتيان العراق للابتياع منهم ، فأشرف من البُعْد على المسمّى بعمر بن يزيد النخّاس عامّة نهارك ، إلى أن تبرز للمبتاعين جاريةٌ صفتها كذا وكذا ، لابسة حريرين صفيقين(٢) ، تمتنع
____________________
(١) هي بنت محمّد بن عليّ ، أبي جعفر الجواد عليهالسلام ، اسمها أمامة ، ويقال : فاطمة ، وهي التي حضرت ولادة الحجّة أرواحنا له الفداء ، وكانت من السفراء ، يراها الحجّة عليهالسلام ، وصدرت من يدها توقيعات شريفة من قِبَل الناحية المقدّسة الحجّة ، وقبرها ممّا يلي رجلي الإمامين العسكريّين عليهماالسلام في سامراء .
انظر : جامع الرواة ٢ : ٤٥٧ ، الارشاد للشيخ المفيد ٢ : ٣٥١ ، تراجم أعلام النساء للحائري ٢ : ٢٢ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٣١٦ .
(٢) الصفيف من الثياب ما كثف نسجه .
انظر : لسان العرب ٤ : ٦٠٦ ، تاج العروس ٢ : ٢٤٤ .