مأمور بأن أوديك(١) معي إلى الجزيرة الخضراء ، فأخذني معه ، فسرنا ستّة عشر يوماً ، فإذا أنا أرى في البحر ماءً أبيض ، فقال الرجل : هذا هو البحر الأبيض ، وتلك الجزيرة الخضراء ، وهذا الماء محيط بها كالسور من جميع جهاتها ، ولا يدخله مركب من مراكب الأعادي أو من الناس إلاّ وهو غريق ببركة الإمام عليهالسلام ، فشربت من ذلك الماء فإذا هو حلو كالفرات ، فقطعنا ذلك الماء فوصلنا إلى الجزيرة الخضراء ، فخرجت إلى البلد فرأيته محصّناً بأبراج وأسوار ، وهي بلدة كبيرة ذات أنهار وأشجار وثمار وكيت وكيت ، ورأيت أهلها في أحسن الزيّ والبهاء ، فاستطار قلبي سروراً ممّا رأيت ، فمضى بي رفيقي إلى الجامع الأعظم ، فرأيت فيه خلقاً كثيراً ، وفي وسطهم شخص جالس ، عليه من المهابة والسكينة والوقار ما لا أقدر على وصفه ، فسألت عنه فقالوا : هو السيّد شمس الدين محمّد العالم من أولاد أولاد الإمام ، وإنّ بينه وبين الإمام خمسة آباء ، وإنّه الحاكم على الناس والنائب عن الإمام عليهالسلام بأمرٍ منه عليهالسلام ، فلمّا مثلت بين يديه سلّمت عليه فردّ علَيَّ السلام ، ورحّب بي وأجلسني بقرب منه ، وسألني وعرفني أنّه تقدّم إليه كلّ أحوالي ، وعيّن لي موضعاً في زاوية المسجد لاستراحتي وخلوتي ، وكان يأتيني في ذلك الموضع كلّ يوم ويتعشّى معي من عشائه إلى أن مضى ثمانية عشر يوماً ، وقد سألته أنّه هل يرى الإمام عليهالسلام ؟
قال : لا ، ولكن حدّثني أبي أنّه سمع حديثه ولم ير شخصه ، وأنّ جدّي سمع حديثه ورأى شخصه .
فسألته عن سبب ذلك ، فقال : ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء ،
____________________
(١) كذا في النسخ وفي المصدر : «أصحبك» ، وهي من اللهجة الدارجة في العراق بمعنى : «أصحبك وأصلك أو أذهب بك» .