عائشة عند المخالفين من العالمات الكاملة ، وكذا ما اتّفق عليه أهل البيت عليهمالسلام واعترف به بعض المخالفين ، بل يظهر من بعض أخبارهم الآتية أيضاً من كونها محدَّثة يحدّثها الملائكة ، حتّى أنّ عليّاً عليهالسلام كتب لها كتاباً في ذلك .
وأمّا كثرة الرواية وقلّتها حيث لم يرو الناس عنها إلاّ قليلاً ، مع روايتهم عن عائشة أزيد من ألفي حديث ، فإنّما هي لوجوه اُخَر : مثل طول العمر ، والبقاء إلى زمان فقد العلماء ، ومثل كثرة ميل الناس إلى غير أهل البيت عليهمالسلام ، لاسيّما من لم يبال في الرواية ، ألا ترى أنّهم رووا عن أبي هريرة ـ مع قدح عليّ عليهالسلام ، وعمر وغيرهما فيه وفي رواياته ـ قريباً من ستّة آلاف حديث ، ورروا عن عليّ عليهالسلام أقلّ من ستّمائة حديث ، مع أنه لا كلام في كونه أعلم الناس .
ومنها ـ وهو العمدة والأصل أيضاً ـ : أنّها مع تلك الصفات الجليلة كانت ذات نسب رفيع ، وحسب منيع ، حيث كانت بحسب البيت من أشرف بيوت بني هاشم ، الذين هم أشرف بيوت قريش ، الذين هم أشرف قبائل العرب ، الذين هم أشرف طوائف بني آدم ، وكان أبوها المصطفى محمّد [ صلىاللهعليهوآله ] أفضل بني آدم ، سيّد المرسلين ، وحبيب ربّ العالمين ، واُمّها سيّدة نساء أهل الجنّة خديجة الكبرى ، أوّل من أسلم(١) ، ومن أدّى الجُهد في ترويج الدين ، وأكبر اُمّهات المؤمنين ، وزوجها عليّاً المرتضى ابن عمّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله نسباً ، وأخوه حسباً ، بل نفسه واقعاً ، أوّل المسلمين إسلاماً ، وأقدمهم إيماناً ، وأكملهم ديناً ، وأكثرهم علماً وعملاً وسخاوةً وشجاعةً وزهادةً وحمايةً للدين ورعايةً للمسلمين وإعانةً لسيّد المرسلين ،
____________________
(١) في «م» زيادة : «من النساء والرجال» .