الصدّيق الأعظم ، والمولى المكرّم ، وسيّد العرب والعجم ، ساقي حوض النبيّ يوم القيامة ، وقسيم النار والجنّة .
وقد حصلت منها العترة الطاهرة ، والسلسلة الفاخرة ، ذريّة طيّبة بعضها من بعض ، الذين منهم الأئمّة النجباء والأكابر الأصفياء ، الذين أوّلهم الحسنان سيّدا شباب أهل الجنّة ، وآخرهم مهديّ هذه الأُمّة ، حتّى انحصر نسل رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في أولادها ، وهكذا حال كثير من أقربائها كحمزة وجعفر وغيرهما .
ولقد كفى كونها من آل رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، الذين أوجب اللّه على الناس الصلوات عليهم في الصلاة ، كما أوجبها عليهم عند ذكر رسوله صلىاللهعليهوآله فيها باتّفاق الأُمّة .
ومنها : أنّها مع ما مضى من الصفات الجليلة كانت في أصل خلقتها من نور عظمة اللّه الذي خلق منه سيّد الخلائق ، ومن طينة العلّيّين التي كانت هي بعينها طينة حبيب الخالق ، ونطفتها كانت من ثمار الجنّة ؛ ولهذا كانت هي ـ كما مرّ صريحاً ـ إنسيّة حوراء ، حتّى لُقّبت من ضياء نورها بالزهراء ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآله يقول : «هي بضعة منّي»(١) وكذا وكذا .
ومنها : أنّها مع هذا كلّه كانت عظيمة الشأن عند اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، بحيث زوّجها اللّه تعالى في السماء ، وجعل شهودها الملائكة النجباء ، وتصدّى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بنفسه في زفافها ، وأنزل عليها موائد الجنّة مراراً ، وأمثال ذلك من التعظيمات التي مرّت وتأتي ، حتّى أنّ اللّه تعالى أعتق محبّيها من عذاب النار ، وقرّر لها الشفاعة الكبرى مثل أبيها ، وكمال الجلالة والمنزلة في دار القرار ، فهل للأفضليّة معنىً غير هذا؟ على أنّ هاهنا أُموراً
____________________
(١) شرح الأخبار ٣ : ٣٠ / ٩٧٠ ، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٣٨٠ ، وتقدّم تخريجه غير مرّة .