وارتجّ(١) المجلس ، فأمهلت حتّى سكن نشيج(٢) القوم ، وهدأت(٣) فورتهم(٤) ، فافتتحت الكلام بحمد اللّه والثناء عليه ، والصلاة على رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ـ وفي رواية زينب : تفصيل الحمد والثناء أيضاً مذكور ولا حاجة بنا إلى ذكره ـ ثمّ قالت : «أيّها الناس ، (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)(٥) وأطيعوه فيما أمركم به ، (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)(٦) ، واحمدوا اللّه الذي بعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة ، ونحن وسيلته في خلقه ، ونحن خاصّته ومحلّ قدسه ، ونحن حجّته في غيبه ، ونحن ورثة أنبيائه ، ثمّ قالت : أنا فاطمة وأبي محمّد صلىاللهعليهوآله ، أقولها عوداً على بدء (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)(٧) ، فإن تعزّوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمّي دون رجالكم ، فبلّغ النذارة صادعاً بالرسالة ـ إلى أن قالت ـ : فأنقذكم اللّه(٨) برسوله صلىاللهعليهوآله بعد اللّتيّا والتي ، وبعد ما مُني ببهم الرجال وذوبان العرب ، كلّما حشّوا ناراً للحرب ونجم قرن للضلال ، وفغرت فاغرة
____________________
(١) ارتّج البحر وغيره : اضطرب . انظر : الصحاح ١ : ٣١٧ ـ مادة رتج ـ ، ومجمع البحرين ٢ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣.
(٢) النَشَج : الصوت مع توجّع وبكاء ، كما يردّد الصبيّ بكاءه في صدره .
انظر : مجمع البحرين ٢ : ٣٣٢ .
(٣) هدأَ هَدْءاً وهدوءاً : سكن . انظر : الصحاح ١ : ٨٢ ـ مادة هدأ ـ ، ولسان العرب ١ : ١٨٠ .
(٤) الفور : الغليان والاضطراب . انظر : مجمع البحرين ٣ : ٤٤٥ .
(٥) سورة آل عمران ٣ : ١٠٢ .
(٦) سورة فاطر ٣٥ : ٢٨ .
(٧) سورة التوبة ٩ : ١٢٨ .
(٨) في «ن» : «فأنقذ اللّه» .