من المشركين ، قذف بأخيه في لهواتها(١) ، فلا ينكفئ(٢) حتّى يطأ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بحدّه مكدوداً في ذات اللّه ، قريباً من رسول اللّه صلىاللهعليهوآله سيّداً في أولياء اللّه ، وأنتم في بِلَهْنِيَةٍ وادعون آمنون ، حتّى إذا اختار اللّه لنبيّه دار أنبيائه ظهرت حسكة النفاق ، وسمل(٣) جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الآفلين ، وهدر فنيق المبطلين يخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخاً بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين ، وللغرّة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم فألفاكم غضاباً ، فوسمتم غير إبلكم وأوردتموها غير شربكم .
هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل بداراً ، زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ)(٤) ، فهيهات منكم! وأنّى بكم (فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ)؟(٥) وهذا كتاب اللّه بين أظهركم ، زواجره بيّنة ، وشواهده لائحة ، وأوامره واضحة ، أرَغْبَةً عنه تدبرون؟ أم بغيره تحكمون؟ (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)(٦) ، (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(٧) ثمّ لم تريثوا
____________________
(١) اللهوات : مفردها لهات ، وهي اللحمة الحمراء المتعلّقة في أصل الحنك . والمقصود : قذف بأخيه في وجه المشركين .
انظر : مجمع البحرين ١ : ٣٨٥ .
(٢) كفأت القوم كفأً : إذا أرادوا وجهاً فصرفتهم إلى غيره ، فانكفؤُا ، أي رجعوا . انظر : الصحاح ١ : ٦٧ ـ مادة كفأ ـ .
(٣) السَمَلُ : الخَلَق من الثياب . انظر : الصحاح ٥ : ١٧٣٢ ـ مادة سمل ـ .
(٤) سورة التوبة ٩ : ٤٩ .
(٥) سورة الأنعام ٦ : ٩٥ .
(٦) سورة الكهف ١٨ : ٥٠ .
(٧) سورة آل عمران ٣ : ٨٥ .