ويبقى على ذلك إلى أن يصل إلى حدّ سخط النبيّ صلىاللهعليهوآله ، مع أنّه سيأتي في أحواله أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله صرّح في حديث له أنّ عليّاً عليهالسلام منه أحسن من هارون من موسى عليهالسلام ؛ حيث إنّ هارون أغضب موسى عليهالسلام ولم يغضب عليّ عليهالسلام النبيّ صلىاللهعليهوآله أبداً(١) . حتّى أنّ في بعض أحاديث القوم أنّ هذا الكلام جرى بين عمر وابن عبّاس ، حيث قال ابن عبّاس : إنّ عليّاً عليهالسلام لا غيّر ولا بدّل ولا أسخط النبيّ صلىاللهعليهوآله أيّام صحبته ، فقال عمر : ولا بنت أبي جهل وهو يريد أن يخطبها على فاطمة عليهاالسلام ، فقال ابن عبّاس ما خلاصة معناه : إنّ ذلك فرية على عليّ عليهالسلام ، مع أنّه لم يعزم على تقدير إرادته على إسخاط النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وربّما كانت من الخواطر التي لا يقدر أحد على دفعها عن نفسه ، مع أنّه بعد التسليم لإرادته ذلك لمّا نبّه عليه رجع وأناب(٢) .
وبالجملة : ما ذكره القوم مع دلالة القرائن القويّة على عدم كونه على النهج الذي ذكره المِسور وأبو هريرة غير مضرّ لنا ، بل نافع على فرض تسليم صحّته أيضاً ؛ ضرورة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله إذا كان بحيث يتألّم من مثل عليّ عليهالسلام على أمر حلال غير محرّم بزعم من رواه لأجل تألّم فاطمة عليهاالسلام ولم يرض عنه إلاّ بالرجوع عن ذلك ، فكيف لا يسخط على من صدر عنه مثل ما ذكرناه بحيث ماتت غضبانة شاكيةً ساخطةً ، فافهم .
وأمّا ثالثاً : فلأنّ الذي يظهر من روايات القوم ـ التي نقلناها من كتبهم(٣) موافقةً لما روي عن ذرّيّتها الأئمّة عليهمالسلام ، وغيرهم ـ هو : أنّ أسباب
____________________
(١) انظر : بحار الأنوار ٤٣ : ١٥١ .
(٢) انظر : الأخبار الموفقيات : ٦١٩ / ٤٠٢ ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٢ : ٥٠ ـ ٥١ ، وكنز العمّال ١٣ : ٤٥٤ / ٣٧١٧٧ .
(٣) انظر : ص ٣٢٠ وما بعده .