كمعاوية وأمثاله ، شرعوا ـ كما سيأتي في محلّه مفصّلاً ـ في وضع أحاديث ، وتفسير آيات مهما أمكن في تنقيص حال بني هاشم ، لاسيّما عليّ عليهالسلام وأقربائه ، حتّى أنّه ورد في غير خبر عن الباقر والصادق عليهماالسلام «أنّه كان فيما نزل على النبيّ صلىاللهعليهوآله من القرآن أسامي جماعة من كفّار قريش فلم يدخلوا في القرآن الموجود غير أبي لهب ، حيث كان من بني هاشم»(١) ، ومن البيّن : أنّ الداعي إلى ذلك في أبي طالب أزيد .
أمّا أوّلاً : فلأنّ ظاهر حاله من حيث عدم إظهاره الإسلام بعد البعثة كان يقتضي ـ كما ذكرنا سابقاً ـ قبول ما يقال في كفره ونقصه من هذه الجهة دون جهة اُخرى ؛ لأنّ معاونته في تمشية أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكذا جلالة شأنه في الناس كانت كالشمس في رابعة النهار .
وأمّا ثانياً : فلمزيد حسدهم له ، وتنفّرهم عنه من حيث تلك الجلالة والمعاونة والقرابة القريبة ، لا سيّما بالنسبة إلى عليّ عليهالسلام ، إذ شدّة عداوتهم لعليّ عليهالسلام مستلزمة لشدّة عداوتهم لأقربائه ؛ ولهذا كلّ مَنْ تتبّع بنظر الاعتبار وجد كثيراً من الفضل الذي كان في عليّ عليهالسلام وأقربائه ، قد نسبوه إلى غيرهم ، والعكس في العكس ، ثمّ إنّه لمّا أتى الجيل الآخر واطّلعوا على الكلام في الطرفين ، فمنهم : ـ كما أشرنا سابقاً ـ مَنْ أبصر الحقّ فيه وميّز بين كلام الأعادي وغيرهم فقال بإيمانه ، وأمّا الأكثرون منهم فكما جرت عادتهم دائماً برفض الحقّ واتّباع الباطل لاسيّما في حقّ آل نبيّهم ؛ لما في صميم قلوبهم من التنفّر عنهم لم يعبأوا بشيء من الآثار الدالّة على إيمانه ، بل المنادية به ، ولا بشهادة مَنْ شهد بذلك ولو كان من عترته الصادقين
____________________
(١) انظر : الغيبة للنعماني : ٣١٨ / ٥ ، رجال الكشي : ٣٥٨ / ٥١١ ، بحار الأنوار ٩٢ : ٥٤ ، ونحوه عن أمير المؤمنين عليهالسلام في بصائر الدرجات : ٢١٥ / ٦ .