جماعة منهم : الأعمش ، عن عباية الأسدي ، عن ابن عبّاس ، ومنهم : أصحاب الباقر والصادق عنهما عليهماالسلام ، أنّها لمّا ماتت أقبل عليّ عليهالسلام باكياً فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : «ما يبكيك (يا عليّ ، لا أبكى اللّه عينك)(١) ؟» فقال : «توفّيت والدتي» ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : «بل والدتي يا عليّ ، فلقد كانت تجوّع أولادها وتشبعني ، وتشعث أولادها وتدهنني ، واللّه لقد كان في دار أبي طالب نخلة ، فكانت تسابق إليها من الغداة فتلتقط ثمّ تجنيه رضي اللّه عنها ، فإذا خرجوا بنو عمّي تناولني ذلك» .
ثمّ نهض صلىاللهعليهوآله فأخذ في جهازها ، وكفّنها بقميصه ، وكان في حال تشييع جنازتها يرفع قدماً ويتأنّى في رفع الآخر وهو حافي القدم ، فلمّا صلّى عليها كبّر سبعين تكبيرةً ، ثمّ لحّدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها ، ولقّنها الشهادة ، فلمّا أُهيل عليها التراب وأراد الناس الانصراف جعل النبيّ صلىاللهعليهوآله يقول لها : «ابنكِ ابنكِ عليّ بن أبي طالب» ، فقالوا : يا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، فَعَلْتَ فعلاً ما رأينا مثله قطّ.
فقال : «أمّا التأنّي في وضع أقدامي ورفعها في حال التشييع فلكثرة ازدحام الملائكة .
وأمّا تكبيري سبعين تكبيرة فإنّها صلّى عليها سبعون صفّاً من الملائكة .
وأمّا نومي في لحدها فإنّي ذكرت في حال حياتها ضَغطة القبر ، فقالت : واضعفاه ، فنمت في لحدها لأجل ذلك حتّى كفيتها ذلك .
وأمّا تكفيني لها بقميصي فإنّي ذكرت لها في حال حياتها يوم القيامة
____________________
(١) في «م» : «لا أبكى لك عين» .