قال يزيد ، فقلت له ـ يعني : لأبي إبراهيم ـ : فأخبرني أنت بما أخبرنا به أبوك عليهالسلام ، فقال لي : «إنّ أبي كان في زمان ليس هذا زمانه» . فقلت له : فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة اللّه ، فضحك أبو إبراهيم عليهالسلام ضِحكاً شديداً ، ثمّ قال : «أُخبرك يا أبا عمارة» وساق الحديث ـ كما يأتي في فصل الوصيّة ـ إلى أن قال يزيد : ثمّ قال لي أبو إبراهيم عليهالسلام : «إنّي اُؤخذ في هذه السنة ، والأمر هو إلى ابني عليّ ، سميّ عليّ وعليّ ، أمّا الأوّل فعليّ بن أبي طالب ، وأما الثاني فعليّ بن الحسين عليهماالسلام ، فإنّه أُعطي فهم الأوّل وحلمه وزهده ونصره(١) وودّه ودينه ومحنته ، ومحنة الآخر وصبره على ما يكره ، وليس له أن يتكلّم إلاّ بعد موت هارون بأربع سنين ، وستلقاه في هذا الموضع بعد هذا ، فبشّره أنّه سيولد له غلام أمين»(٢) الخبر .
وسيأتي عن قريب ، وأمثاله كثيرة ، كفى هاهنا ما ذكرناه وإن كان أقلّ قليل بالنسبة إلى ما ذكره الفريقان ، حتّى أنّ حكاية إمامة الرضا عليهالسلام ممّا أعلن بها المأمون ، كما هو مسطور في الكتب ، مشهور عند كلّ الناس ، حتّى أنّه ذكر جماعة : أنّ بعض الناس تكلّم على المأمون في إرادته تسليم الأمر إلى الرضا عليهالسلام ، ودفعه عن ولده وأهله ، فقال : إنّي عاهدت اللّه على أنّي إن ظفرتُ بالمخلوع ـ يعني : أخاه الأمين ـ أخرجت الخلافة إلى أفضل آل أبي طالب ، وما أعلم أحداً أفضل من هذا الرجل على وجه الأرض(٣) .
____________________
(١) في بعض المصادر : «بصره» بدل «نصره» ، و«حكمته» بدل «حلمه» .
(٢) الكافي ١: ٢٥٠ / ١٤ (باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن الرضا عليهالسلام ) ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١: ٢٣ / ٩ ، الإمامة والتبصرة: ٢١٥ ، إعلام الورى ٢: ٤٧ بتفاوت فيها .
(٣) مقاتل الطالبيّين : ٥٦٣ ، الإرشاد للمفيد ٢ : ٢٦١ ، روضة الواعظين : ٢٢٥ .