وخرج مع السريج بن حارث (١) على نصر بن سيّار وقتله سلم بن أحوز المازني في آخر زمان بني مروان ، وأتباعه اليوم ب ـ ( نهاوند ) ، وخرج إليهم في زماننا إسماعيل بن إبراهيم بن كبوس الشيرازي الديلمي ، فدعاهم إلى مذهب شيخنا أبي الحسن الأشعري ، فأجابه قوم منهم وصاروا مع أهل (٢) السنّة.
وقد نسب إليه الشهرستاني عدّة أُمور نذكر منها أمرين :
١ ـ إنّ الإنسان لا يقدر على شيء ، ولا يوصف بالإستطاعة وإنّما هو مجبور على أفعاله لا قدرة له ، والله هو الّذي يخلق الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات ، وتنسب إليه الأفعال مجازاً كما تنسب إلى الجمادات ، كما يقال أثمرت الشّجرة ، وجرى الماء ، وتحرّك الحجر ، وطلعت الشّمس وغربت ، وتغيّمت السماء وأمطرت ، واهتزّت الأرض وأنبتت ، إلى غير ذلك ، والثّواب والعقاب جبر. كما أنّ الأفعال كلّها جبر. قال : وإذا ثبت الجبر فالتكليف إذاً جبر.
٢ ـ إنّ حركات أهل الخلدين تنقطع ، والجنّة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما ، وتلذّذ أهل الجنّة بنعيمها ، وتألّم أهل النار بجحيمها ، إذ لا تتصوّر حركات لا تتناهى آخراً ، كما لا تتصوّر حركات لا تتناهى أوّلاً. وحمل قوله تعالى ( خالدين فيها ) على المبالغة والتأكيد دون الحقيقة في التخليد. كما يقال خلد الله ملك فلان ، واستشهد على الانقطاع بقوله تعالى : ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمواتُ وَالأرضُ إلاّ ما شاءَ رَبُّكَ ) ( هود / ١٠٧ ) فالآية اشتملت على شريطة واستثناء ، والخلود والتأبيد لا شرط فيه ولااستثناء (٣).
وقد نقل الشهرستاني عنه أُموراً أُخر ، مضى بعضها في كلام غيره.
أقول : قاعدة مذهبه أمران :
____________
١ ـ في تاريخ الطبري : الحارث بن سريج وهو الصحيح.
٢ ـ الفرق بين الفرق : ص ٢١٢.
٣ ـ الملل والنحل : ج ١، ص ٨٧ ـ ٨٨.