قومه من بني تميم لا على التديّن بالاعتزال. ولكن على طلب السلامة في القتل وذهاب المال وقال لقومه : اعتزلوا الفتنة أصلح لكم ».
وذكر (١) نصر بن مزاحم المنقري أنّ المغيرة بن شعبة كان مقيماً بالطّائف لم يشهد صفّين. فقال معاوية : يا مغيرة : ما ترى؟ قال : يا معاوية لو وسعني أن أنصرك لنصرتك ، ولكن عليّ أن آتيك بأمر الرجلين ( أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص ) فركب حتّى أتى دومة الجندل ، فدخل على أبي موسى كأنّه زائر له ، فقال : يا أبا موسى! ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره الدماء؟ قال : اُولئك خيار الناس خفّت ظهورهم من دمائهم وخمصت بطونهم من أموالهم.
ثمّ أتى عمراً فقال : يا أبا عبدالله ! ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره الدماء؟
فقال : اُولئك شرّ الناس لم يعرفوا حقّاً ولم ينكروا باطلا (٢).
غير أنّ شيوخ المعتزلة يردّون هذه الرواية ولا يقيمون لها وزناً. بل يقول البلخي : « ومن الناس من يقول سمّوا معتزلة لاعتزالهم عليّ بن أبي طالب في حروبه ، وليس كذلك ، لأنّ جمهور المعتزلة بل أكثرهم إلاّ القليل الشاذّ منهم يقولون إنّ عليّاً عليهالسلام كان على صواب ، وإنّ من حاربه فهو ضالّ وتبرّأوا ممّن لم يتب عن محاربته ولا يتولّون أحداً ممّن حاربه إلاّ من صحّت عندهم توبته منهم ، ومن كان بهذه الصفة فليس بمعتزل عنه عليهالسلام ولا يجوز أن يسمّى بهذا الاسم » (٣).
أقول : لولا أنّ النوبختي ذكر بعد نقل هذه الرواية قوله : « وأنّهم صاروا أسلاف المعتزلة إلى آخر الأبد » لأمكن المناقشة في كونه وجه التسّمية ، وأنّ الاعتزال بالطابع الفكري والعقلي كان استمراراً للاعتزال بطابعه السياسي. إذ من الممكن أن تستعمل كلمة واحدة في طائفتين يجمعهما جامع وهو العزلة وترك الجماعة. فهؤلاء الّذين خذلوا
__________________
١ ـ فرق الشيعة : ص ٥ طبع النجف عام ١٣٥٥ هـ .
٢ ـ وقعة صفين ص ٦٢٠ ـ ٦٢١ طبع مصر.
٣ ـ فضل الاعتزال ص ١٣ ـ ١٤.