عليّاً بترك البيعة والحرب معه ضدّ الناكثين والقاسطين معتزلون ، كما أنّ واصل بن عطاء وتلاميذه معتزلون لأجل تركهم مجلس درس اُستاذه وتلاميذه كما يأتي في الرواية الاُخرى. واطلاق كلمة واحدة على الطائفتين اللّتين لهما طابعان مختلفان لا يدلّ على أنّ الطائفة الثانية هي استمرار للاُولى. وإنّما يمنعنا عن ردّ هذه النّظرية على وجه القطع هو صراحة كلام النوبختي في ذلك.
٢ ـ اعتزالهم عن الحسن بن علي عليهماالسلام
وهناك رواية اُخرى تدلّ على أنّ تسميتهم بهذا اللّقب لاعتزالهم عن الحسن بن عليّ ومعاوية ، نقله الملطي ( المتوفّى عام ٣٧٣ ) في « التنبيه والردّ » واستحسنه الكوثري (١) وحسب أنّه وقف على أمر بديع. يقول الملطي : « وهم سمّوا أنفسهم معتزلة وذلك عندما بايع الحسن بن عليّ عليهماالسلام معاوية وسلّم إليه الأمر اعتزلوا الحسن بن علي ومعاوية وجميع الناس ، وذلك أنّهم كانوا من أصحاب علي ولزموا منازلهم ومساجدهم وقالوا نشتغل بالعلم والعبادة وسمّوا بذلك معتزلة » (٢).
أقول : هذا الرأي قريب من جهة ، لأنّ المعتزلة أخذوا تعاليمهم في التوحيد والعدل عن عليّ عليهالسلام كما سيأتي ، فليس ببعيد أن يرجع وجه التسمية إلى زمن تصالح الإمام الحسن عليهالسلام مع معاوية.
ومع ذلك كلّه ، يمكن أن يقال فيه مثل ما قلناه في النظرية السابقة ، وهو أنّه كانت طائفتان مختلفتان لا صلة بينهما سوى الاشتراك الاسمي ، ظهرت إحداهما بعد صلح الحسن عليهالسلام وكان لها طابع سياسي ، وظهرت الاُخرى في زمن الحسن البصري عند اعتزال واصل عن حلقة بحثه كما سيأتي بيانه ، لها طابع عقلي.
وهناك إشكال آخر يتوجّه على رواية الملطي حيث قال : « وهم سمّوا أنفسهم
__________________
١ ـ تعليق « تبيين كذب المفتري » ص ١٠.
٢ ـ التنبيه والرد ص ٢٦.