معتزلة » وهو أنّ لفظ الاعتزال ليس لفظاً يعرب عن المنهج حتّى يطلقوا هذا الاسم على أنفسهم ، إن لم يكن فيه دلالة على ذمّ ما.
٣ ـ اعتزال عامر عن مجلس الحسن البصري
وهناك رواية ثالثة رواها ابن دريد يتحدّث عن بني العنبر قال : « ومن رجالهم في الإسلام عامر بن عبدالله يقال له عامر بن عبد قيس ، وكان عثمان بن عفّان كتب إلى عبدالله بن عامر أن يسيّره إلى الشام ، لأنّه يطعن عليهم وكان من خيار المسلمين وله كلام في التوحيد كثير ، وهو الّذي اعتزل الحسن البصري فسمّوا المعتزلة » (١).
وروى أبو نعيم بالإسناد عن الحسن البصري أنّه قال : « كان لعامر بن عبدالله بن عبد قيس مجلس في المسجد فتركه حتّى ظننّا أنّه قد ضارع أصحاب الأهواء ، قال : فأتيناه فقلنا له : كان لك مجلس في المسجد فتركته؟ قال : أجل ، إنّه مجلس كثير اللغط والتّخليط ، قال : فأيقّنا أنّه قد ضارع أصحاب الأهواء ، فقلنا : ما تقول فيهم؟ قال : وما عسى أن أقول فيهم ... الخ » ، ونقل أبو نعيم الاصفهاني أيضاً أنّه عتب أبو موسى الأشعري (٢) عامربن عبد قيس اعتزاله مجلسه الّذي اعتاده في المسجد ، فكتب إليه قائلاً :
« فإنّي عهدتك على أمر وبلغني أنّك تغيّرت فاتّق الله وعد » (٣).
وقال المعلِّق على كتاب « فضل الاعتزال » : إذا كان ابن دريد وأبو نعيم لم يحدّدا لنا زمن اعتزال عامر بن عبد قيس ، فمن الممكن أن نستنتج أنّه تمّ في خلال تسع سنوات من سنة ٣٥ وهو تأريخ اعتزال جماعة سعد بن أبي وقّاص إذ عناهم الحسن البصري في حديثه ، إلى سنة ٤٤ وهو تأريخ وفاة أبي موسى الأشعري إذ أفاد أبو نعيم أنّه عاتب عامر لاعتزاله مجلسه ».
__________________
١ ـ الاشتقاق ج ١ ص ٢١٣ كما في تعاليق « فضل الاعتزال » ص ١٥.
٢ ـ كان أبو موسى والي الكوفة أواخر خلافة عثمان إلى عام ٣٦، حتّى عزله علي عليهالسلام لأجل قعوده عن نصرة الامام.
٣ ـ حلية الأولياء : ج ٢ ص ٩٣ ـ ٩٥.