الفصل الرابع
أئمّة المعتزلة
دلّت النّصوص التأريخيّة على أنّ « واصل بن عطاء » هو المؤسّس الأوّل لمنهج الاعتزال ، وقد طرح اُصولاً نضجت وتكاملت بأيدي تلامذته ومقتفي منهجه عبر العصور والقرون.
ومن أراد أنّ يكتب تأريخ المعتزلة وطبقاتهم ، فعليه أنّ يجعل « واصلاً » رأس مخروط الاعتزال إلى أنّ يصل بالتدريج إلى قاعدته.
وأمّا من تقدّم عليه من الصحابة والتابعين حتّى القدريّة المتبلورة في « معبد الجهني » و « غيلان الدمشقي » وغيرهم ... فلا يمتّون للاعتزال بصلة ، وإنّ اتّفقوا مع المعتزلة في القول بالتوحيد والعدل ، وحريّة الإنسان واستطاعته على الفعل والترك. وذلك لأنّ التوحيد والعدل ، كان شعار المسلمين من عصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الزمان الّذي طلع فيه منهج الإعتزال ، كما أنّ القول بالحريّة واستطاعة الإنسان على أحد الطّرفين قول بأمر فطري جبل عليه الإنسان طوال القرون والأدوار قبل الإسلام وبعده ، فلا يعدّ الاعتقاد به إحداثاً للمنهج وتأسيساً له.
نعم ، القول بكون الإنسان مسيّراً لا مخيّراً ، وأنّ فاعل الخير والشرّ هو الله سبحانه ، وأنّ كلّ إنسان خلق لما قدّر له في علمه الأزلي ، وأنّ التقدير كاله ، لا يتغيّر حكمه وقضاؤه ، إحداث منهج جديد رغم أنّ العقلاء ونصوص الكتّاب على خلافه في جميع