إيّاه؟ قالوا : بلى ، قلت : أفليس عليه أن يردّ جوابي أيضاً؟ قالوا : بلى ، قلت لهم : فإنّه لمّا سارّني شتمني بالشتم الّذي يوجب الحد ، وشتم من علّمني ، وإنّما قدّر أنّني أثب عليه ، فيدّعي أنّنا واثبناه وشغبنا عليه ، وقد عرّفتكم شأنه بعد الانقطاع فانصروني ، فأخذته الأيدي من كلّ جهة فخرج هارباً من البصرة » (١).
أقول : إنّ ما طرحه الرجل اليهودي من الشبهة كانت شبهة دارجة لأهل الكتاب يتمسّكون بها كلّ منهم من غير فرق بين اليهودي والمسيحي. وقد سأل الجاثليق النصراني الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام في مجلس المأمون عن هذه الشبهة ، فقال الجاثليق : ما تقول في نبوّة عيسى وكتابه هل تنكر منهما شيئاً؟ قال الرضا عليهالسلام : « أنا مقرّ بنبوّة عيسى وكتابه ... وكافر بنبوّة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وكتابه ولم يبشّر به اُمّته » (٢).
إنّ الإمام الطاهر عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام قدم خراسان عام ١٩٩، وتوفّي بها عام ٢٠٣ هـ ، وكانت المناظرات خلال هذه السنوات دائرة ومجالسها بالعلماء والاُدباء حافلة ، فنقلوا ما دار بين الإمام والجاثليق إلى العواصم الإسلاميّة. فليس من البعيد أن يكون أبو الهذيل قد اقتبس كلامه من الإمام عليهالسلام ، كما أنّ من المحتمل أن يكون من باب توارد الخاطر.
٣ ـ أتى إليه رجل فقال : « اُشكل عليّ أشياء من القرآن فقصدت هذا البلد فلم أجد عند أحد ممّن سألته شفاء لما أردته ، فلمّا خرجت في هذا الوقت قال لي قائل : إنّ بغيتك عند هذا الرّجل فاتّق الله وأفدني ، فقال أبو الهذيل ماذا أشكل عليك؟ قال : آيات من القرآن توهمني أنّها متناقضة وآيات توهمني أنّها ملحونة. قال : فماذا أحبّ إليك ، اُجيبك بالجملة أو تسألني عن آية آية؟ قال : بل تجيبني بالجملة ، فقال أبو الهذيل : هل تعلم أنّ محمّداً كان من أوساط العرب وغير مطعون عليه في لغته ، وأنّه
__________________
١ ـ أمالي المرتضى : ج ١، ص ١٧٨ ـ ١٧٩.
٢ ـ الاحتجاج للشيخ الطبرسي : ج ٢، ص ٢٠٢ وللمناظرة صلة ، من أراد فليراجع.