كان عند قومه من أعقل العرب فلم يكن مطعوناً عليه؟ فقال : اللّهمّ نعم ، قال أبو الهذيل : فهل تعلم أنّ العرب كانوا أهل جدل؟ قال : اللّهمّ نعم ، قال : فهل اجتهدوا عليه بالمناقضة واللّحن؟ قال : اللّهمّ لا ، قال أبو الهذيل : فتدع قولهم على علمهم باللّغة وتأخذ بقول رجل من الأوساط؟ قال : فأشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله ، قال : كفاني هذا وانصرف وتفقّه في الدين » (١).
تآليفه
بينما لم يذكر ابن النّديم أيّ تأليف لأبي الهذيل يحكي ابن المرتضى عن يحيى بن بشر أنّ لأبي الهذيل ستّين كتاباً في الرّدّ على المخالفين في دقيق الكلام (٢).
نعم ، ذكر ابن النّديم في باب الكتب المؤلّفة في متشابه القرآن أنّ لأبي الهذيل العلاّف كتاباً في ذلك الفن (٣).
قال ابن خلّكان : « ولأبي الهذيل كتاب يعرف بالميلاس وكان « ميلاس » رجلاً مجوسياً وأسلم ، وكان سبب إسلامه أنّه جمع بين أبي الهذيل وبين جماعة من الثنويّة ، فقطعهم أبو الهذيل فأسلم ميلاس عند ذلك » (٤).
وذكر البغدادي كتابين لأبي الهذيل هما « الحجج » و « القوالب » والثاني ردُّ على الدهريّة (٥).
أقول : إنّ من سبر كتاب « الفرق بين الفرق » لعبد القاهر البغدادي يعرف حقده على المعتزلة وعلى ذوي الفكر ولذلك ترجمه بصورة تكشف عن عمق غيظ له ، فقال : « كان مولى لعبد القيس وقد جرى على منهاج أبناء السبايا لظهور أكثر البدع منهم ، وفضائحه تترى تكفِّره فيها سائر فرق الاُمّة من أصحابه في الاعتزال ومن غيرهم ،
__________________
١ ـ طبقات المعتزلة للقاضي : ص ٢٥٤.
٢ ـ المنية والأمل : ص ٢٥.
٣ ـ الفهرست لابن النديم : الفن الثالث من المقالة الاُولى ص ٣٩.
٤ ـ وفيات الأعيان : ج ٤ ص ٢٦٦.
٥ ـ الفرق بين الفرق : ص ١٢٤.