الثّلاثة فقد قال هؤلاء الأشاعرة بقدماء كثيرين بحسب تعدّد الصفات.
وبذلك تقف على أنّ الحافز على التركيز على نفي الصّفات الزائدة ، هو التحفّظ على التوحيد ووحدانيّة الواجب والقديم ، ونفي المثيل والنّظير له أخذاً بقوله سبحانه ( ليس كمثله شيء ) و( قل هو الله أحد ).
فمن المحتمل عند البعض أنّ المعتزلة أرادوا بهذا ، الردّ على فكرة الأقانيم لدى النّصارى ، فإنّ القول بأنّ الذات الإلهيّة جوهر يتقوّم بأقانيم أي صفات هي الوجود والعلم والحياة ، قد أدى إلى الاعتقاد باستقلال الأقانيم عن الجوهر ، وإلى اعتبار الصّفات أشخاصاً ، وإلى تجسّد « الاقنوم الثاني » ـ اقنوم العلم ـ في الابن. فلموا جهة هذا الاعتقاد نفى المعتزلة وصف الله بأنّه جوهر واعتبروا الصّفات هي الذات غير مغايرة لها ، فصفات الله ليست حقائق مستقلّة وإنّما هي اعتبارات ذهنيّة ، ويمكن أن تختلف وجوه الاعتبارات في النظر إلى الشيء الواحد دون أن يلزم من ذلك التعدّد في ذاته ، فيقال عالم ونعني إثبات علم هو ذاته ، ونفي الجهل عن ذاته ، ويقال : قادر ونعني إثبات ذاته ونفي العجز، فالله حيّ عالم قادر بذاته لا بحياة وعلم وقدرة زائدة على ذاته (١).
يلاحظ عليه : أنّه إنّما يصح لو كانت الصّفات الذاتيّة منحصرة في الثلاث : العلم والقدرة والحياة حتّى يقال إنّ الهدف من القول بالعينيّة نفي توهّم التثليث ، بل الصفات الذاتية أكثر من ذلك.
أضف إلى ذلك أنّ تفسير عقيدة المعتزلة في باب الصّفات بأنّها ليست حقائق مستقلّة وإنّما هي اعتبارات ذهنيّة ، غير تامّة ناشئة من تفسير خصومهم بما ذكر ، بل الحقُّ أنّ مرادهم هو أنّ واقعيّة خارجيّة بسيطة تجمع هذه الواقعيات ببساطتها ووحدتها ، لا أنّها اعتبارات ذهنيّة ، وليست للصفات واقعيّة خارجية ، فإنّه لا ينطبق إلاّ على القول بالنيابة.
____________
١ ـ نهاية الاقدام في علم الكلام للشهرستاني : ص ١٩٢ ـ ١٩٤، و « في علم الكلام » قسم المعتزلة للدكتور أحمد محمود صبحي ، ص ١٢٣.