فقد استطاعوا بعد محاولات واسعة أن يضمّوا إلى جيش قريش أبطالا وصناديد من بني كنانة وتهامة ، فخرجت قريش وهم أربعة آلاف بمن انضم إلى صفوفهم من تلك القبائل (١).
وقد كان هذا هو عدد الرجال الذين شاركوا في هذه المعركة ، ولو أضفنا إليهم عدد النساء اللواتي شاركن فيها لتجاوز العدد ما ذكرناه.
على أنه لم يكن من عادة العرب أن يشركوا نساءهم في الغزو ويخرجوهن معهم إلى القتال ، ولكن نساء مكة الوثنيات شاركن مع رجالهن في هذه المعركة على خلاف عادة العرب ، وكان الهدف من أخذهن هو أن يحرّضن الرجال على القتال والصمود ، ويمنعن المقاتلين من الفرار ، ويذكّرن بقتلى بدر ، ويشعلن الحماس في النفوس بدق الدفوف ، وإنشاد الأشعار المثيرة للهمم والداعية إلى الثأر ولأن فرار الرجال كان يعني أن تقع النسوة في الأسر ، وهو ما كان يأباه العربي آنذاك. فتكون الغيرة والحمية على العرض سببا للمقاومة والصمود.
كما أنه اشترك في هذه المعركة طائفة من العبيد والرقيق طمعا في العتق الذي وعدوا به إن نصروا أسيادهم وقاتلوا بين أيديهم ، وذلك مثل « وحشي » وكان غلاما حبشيا لمطعم بن جبير يقذف بحربة له قذف الحبشة قلّما يخطئ بها فقال له سيده : أخرج مع الناس فإن نلت محمدا أو عليّا أو حمزة فأنت عتيق (٢).
وعلى أية حال استطاعت قريش أن تجهّز بعد جهد كبير جيشا كبيرا قويا يتألف من سبعمائة دارع ، وثلاثة آلاف فارس ، ومشاة كثيرين ، وقد خرجوا بعدة وسلاح كثير.
فلما اجمعت قريش على المسير كتب العباس بن عبد المطلب (٣) كتابا يضم
__________________
(١) اختلف علماء التفسير والتاريخ كعلي بن ابراهيم والشيخ الطبرسي في إعلام الورى ، وابن هشام والواقدي في عدد المشركين والكفار في هذه المعركة ، وما ذكرناه هو الاقرب الى الحقيقة.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٩٦.
(٣) وكان العباس كما أسلفنا ممن أسلم وآمن برسول الله صلىاللهعليهوآله في مكة ولكنه ظلّ يكتم