فهل ينتظر هواة الغرب بعد هذا البيان الواضح والتحريم الصريح بيانا كافيا شافيا؟!
وفي الحقيقة نحن لا نحتاج إلى مثل هذا الاستدلال أبدا فالآيات الأربع المتقدمة التي وصفت الخمر بأنها « رجس » وأنها نظير « الميسر » ، وأنها « عمل شيطاني » ، مناقض للفلاح ، وسبب « للعداوة » و « البغضاء » ، قد أعلنت عن حرمتها بصورة واضحة لا إبهام فيها ، ولا غموض ، وهي بالتالي أقوى بيان لمن تدبّر وأنصف ، وتجرّد عن الاهواء والأغراض المريضة.
وهنا لا بدّ أن نذكّر بنقطة هامة وهي أن النبيّ الاكرم صلىاللهعليهوآله استطاع ان يطهّر في هدى هذه الآيات الأربع ، بيئته ومجتمعه من أدران هذه العادة الشريرة ، ويقوم المؤمنون أنفسهم بتنفيذ هذا الحكم من دون قهر أو إجبار ، بينما لم يستطع العالم الغربي رغم كل ما يملك من الإمكانات الماديّة العريضة ، وأجهزة الدعاية الواسعة أن يخطو خطوة ناجحة في هذا الطريق ، فقد اخفقت كل خططه ، أمام هذا السمّ القاتل ، والفشل الذي أصاب الولايات المتحدة في مكافحة المشروبات الروحية في أعوام ١٩٣٣ ـ ١٩٣٥ أمر معروف للجميع ، وله قصة عجيبة يمكن أن يقف عليها القارئ الكريم في مصادرها (١).
ومن عجيب الأمر أن يروي بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى : « ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون » رواية جاء فيها أن امام المتقين علي بن أبي طالب عليهالسلام كان ضمن جماعة شربوا الخمر ثم قاموا الى الصلاة فقرأ أمامهم غلطا : « اعبد ما تعبدون » فانزل الله تعالى هذه الآية : « لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ».
نقول إن من العجيب أن تنسب إلى الامام علي عليهالسلام مثل هذه
__________________
(١) راجع ما ذا خسر العالم بانحطاط المسلمين : ص ٨٠ وغيره.