« وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ »؟! (١).
فاذا صحّ هذا القسم من الرواية المذكورة في شأن النزول لزم أن نقول : ان هذا العتاب الشديد وهذا التوبيخ الصارخ كان يعمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضا ، والحال أن مقام النبوة الذي يلازم العصمة لا يسمح لنا بأن نقول بأن هذا الخطاب والتوبيخ موجّهين إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله .
من هنا لا مناص من رفض كل هذه الرواية المذكورة في شأن النزول الذي يتنافى مع عصمة رسول الله صلىاللهعليهوآله أو القبول بالقسم الذي لا يتنافى منها مع عصمة النبي صلىاللهعليهوآله ورفض ما يتنافى معها.
ويروي البخاري في صحيحه في ذيل شأن النزول عن عائشة نفسها : بعد أن سأل رسول الله صلىاللهعليهوآله بريرة عن أمري ، فقالت فيّ خيرا وصعد رسول الله صلىاللهعليهوآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال : « من يعذرني ممن يؤذيني في أهلي ( أي من يؤدبه ) ويقولون لرجل ، والله ما علمت على ذلك الرجل إلاّ خيرا ، وما كان يدخل بيتا من بيوتي إلاّ معي ويقولون عليه غير الحق ».
فقام « سعد بن معاذ » وقال : أنا اعذرك منه يا رسول الله إن يك من الأوس آتك برأسه ، وإن يك من إخواننا من الخزرج فمرنا بأمرك نمضي لك.
فثقل هذا الكلام على « سعد بن عبادة » وغضب منه ، فقام وقال : كذبت لعمر الله ، لا تقتله ولا تقدر على قتله (٢).
__________________
(١) أي لما ذا ـ عند ما سمعتم بهذا الافتراء ـ لم تظنوا بأنفسكم خيرا وقلتم : هذا إفك ، ولما ذا ـ عند ما سمعتم بهذا الكلام ـ لم تقولوا هذا بهتان لا يجوز ان نتكلم به.
(٢) كان « سعد بن معاذ » رئيس الاوس و « سعد بن عبادة » رئيس الخزرج ، وكانت بين هاتين ـ