خاصة وبصورة رسمية.
ثم اضطرب امر فدك من بعده أيضا فربما سلبت من أصحابها وربما ردّت إليهم. وهكذا تراوحت بين السلب والرد.
ولقد استغلّت فدك في عهد الامويين والعباسيين في أغراض سياسية بحتة قبل أن تستغلّ في أغراض اقتصادية.
فلقد كان الخلفاء في صدر الاسلام يحتاجون إلى عائدات فدك المالية ، مضافا إلى انهم انتزعوها من يد عليّ لغرض سياسي ولكن في العصور المتأخرة عن ذلك كثرت ثروة الخلفاء وزادت زيادة هائلة بحيث لم يكونوا بحاجة إلى عائدات فدك ، ولهذا فان عمر بن عبد العزيز لما أعاد فدكا إلى بني فاطمة احتج عليه بنو أميّة واعترضوا قائلين : هجّنت فعل الشيخين ، وإن أبيت إلاّ هذا فامسك الأصل وأقسم الغلّة (١).
إن دراسة وتقييم ملفّ « فدك » تثبت بوضوح أن منع ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآله من حقها المشروع كان عملا سياسيا بحتا ، أي إنه ما كان يستند إلى أي مبرر شرعي مطلقا ، وان المسألة كانت أوضح من أن تخفى على خليفة العصر.
وقد أوضحت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليهاالسلام هذه الحقيقة في خطابها الساخن البليغ اذ قالت :
هذا كتاب الله حكما عدلا وناطقا فصلا يقول : ويرثني ويرث من آل يعقوب (٢) وورث سليمان داود (٣) وبيّن عزّ وجلّ في ما وزّع من الأقساط وشرع من الفرائض والميراث » (٤).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : ج ١٦ ص ٢٧٨.
(٢) مريم : ٦.
(٣) النمل : ١٦.
(٤) الاحتجاج للطبرسي : ج ١ ص ١٤٥.