يرتجف ، وتصطكّ اسنانه من الفزع : فما الحيلة فداك أبي وأمي؟
فقال العباس : اركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله صلىاللهعليهوآله فاستأمنه لك.
فركب أبو سفيان خلف العباس ، ورجع صاحباه ( حكيم وبديل ) إلى مكة.
ولقد كان مسعى العباس ـ كما ترى ـ في مصلحة الاسلام كله ، فقد أرعب شيطان قريش ، وزعيمها وعقلها المدبّر أبا سفيان ، وكان موفقا في هذه الخطوة جدا بحيث لم يعد يفكر أبو سفيان إلاّ في التسليم ، وإلقاء السلاح والكفّ عن المقاومة ، بل ومنعه العباس من العودة إلى مكة ، في نفس الليلة ( ليلة فتح مكة ) وأخذه معه إلى معسكر المسلمين بغية تقييده ، ومنعه من العودة مكة ، إذ كان من المحتمل جدا أن يقع فريسة أفكار المتطرفين في الزعامة المكية فيدبّرون معا خطة لمواجهة جيوش الاسلام ، فيقع ـ حينئذ ـ ما لا يحمد عقباه ، من سفك الدماء ، وذهاب الأنفس والارواح.
دخل العباس ـ وهو على بغلة بيضاء وقد اردف خلفه أبا سفيان ـ في معسكر المسلمين ، وهو يقصد خيمة رسول الله صلىاللهعليهوآله من خلال نيران المسلمين التي أمر النبي صلىاللهعليهوآله بإشعالها ، وكان كلّما مرّ بنار من نيرانهم قالوا : عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله فلا يمنعون من مروره ، حتى اذا لقيا عمر بن الخطاب في الاثناء ورأى عمر أبا سفيان خلف العباس على عجز البغلة همّ بقتله في المكان ، ولكن عمّ النبي صلىاللهعليهوآله أجار أبا سفيان في الحال ، ومنع بذلك عمر من إلحاق الأذى به ، وهو في جواره.
وأخيرا وصل العباس برفقة أبي سفيان الى خيمة رسول الله صلىاللهعليهوآله فترجّلا ، فاستأذن العباس رسول الله صلىاللهعليهوآله للدخول مع أبي سفيان عليه فاذن لهما ، فوقعت مشادة كلامية شديدة بين العباس وعمر بين