اليهود هو « المخيريق ».
وكان عبد الله بن سلام يعلم بأنه سيذمّه قومه من اليهود اذا عرفوا باسلامه وترك دينهم ، من هنا طلب من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يكتم عن الناس إسلامه ، ريثما يحصل أولا على اعتراف من قومه بعلمه وتقواه ، وبمعرفته وصلاحه قائلا : « يا رسول الله إن يهود قوم بهت ، وأني أحبّ أن تدخلني في بعض بيوتك ، وتغيّبني عنهم ثم تسألهم عنّي حتى يخبروك كيف أنا فيهم قبل أن يعلموا بإسلامي فإنهم إن علموا به بهتوني وعابوني ».
فأدخله رسول الله صلىاللهعليهوآله في بعض بيوته وأخفاه عن الانظار ثم قال لليهود الداخلين عليه :
« أيّ رجل الحصين بن سلام فيكم؟ ».
قالوا : سيدنا وابن سيدنا ، وحبرنا وعالمنا ، فخرج عليهم « عبد الله بن سلام » من مخبأه وقال لهم : يا معشر يهود اتّقوا الله واقبلوا ما جاءكم به ، فو الله إنّكم لتعلمون أنه لرسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة باسمه وصفته ، فاني أشهد أنه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأؤمن به واصدّقه وأعرفه.
فغضب اليهود من مقالته ، وقالوا له : كذبت ووقعوا فيه ، وعابوه ، وبهتوه (١).
لم تضعف مجادلات اليهود واسئلتهم العويصة عقيدة المسلمين وايمانهم برسول الله صلىاللهعليهوآله فحسب ، بل تسبّبت في أن تتضح مكانته العلمية ، وقيمة معارفه الغيبية للجميع أكثر من ذي قبل.
ففي ظلّ هذه المجادلات والمحاورات رغب جماعات كبيرة من الوثنيين واليهود في الاسلام فآمنوا برسول الله صلىاللهعليهوآله وصدّقوه.
من هنا دبّر اليهود مؤامرة أخرى وهي التذرّع باسلوب « فرّق تسد » ، لالقاء
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ١ ص ٥١٦.