ملاحقة المسلمين له.
فعرف به النبيّ صلىاللهعليهوآله فندب أصحابه فخرجوا في أثره ، وجعل أبو سفيان وأصحابه يتخففون فيلقون أكياس السويق ( وهو القمح المقلّى المطحون الملتوت بالسمن أو العسل ) ، وهي عامة زادهم ، فجعل المسلمون يمرّون بها فيأخذونها.
فسميت تلك الغزوة بغزوة السويق لهذا الشأن.
بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله أن قبيلة غطفان تجمع أفرادها ، وتتأهب للعدوان على المدينة المنورة ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله على رأس أربعمائة وخمسين رجلا.
فلما سمع العدو بمسير رسول الله صلىاللهعليهوآله إليهم خافوا خوفا شديدا فهربوا إلى رءوس الجبال ، فرارا من النبيّ والمسلمين.
فخرج النبيّ صلىاللهعليهوآله إليهم يبحث عنهم فلم يلاق أحدا منهم ، وقد غيّبوا سرحهم وذراريهم في ذرى الجبال خوفا وفرقا.
فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله « ذا أمرّ » (١) وعسكر معسكره هناك ، فأصابهم مطر كثير ، فذهب رسول الله صلىاللهعليهوآله ناحية ليقضي حاجة ، فأصابه ذلك المطر فبلّ ثوبه ، وقد جعل رسول الله صلىاللهعليهوآله وادي « ذي أمرّ » بينه وبين أصحابه ، ثم نزع ثيابه فنشرها لتجف ، وألقاها على شجرة ، ثم اضطجع تحتها ، والأعراب ينظرون الى كلّ ما يفعل.
فقالت الأعراب لدعثور وكان سيّدها وأشجعها : قد أمكنك محمّد ، وقد انفرد من أصحابه ، حيث إن غوّث بأصحابه لم يغث حتى تقتله.
فاختار سيفا من سيوفهم صارما ثم أقبل مشتملا على السيف حتى قام على
__________________
(١) واد بطريق فيد إلى المدينة. وفاء الوفاء : ج ٢ ص ٢٤٩.