هذه الهزائم المتلاحقة أزعجت المسلمين وأحزنتهم بشدة فعمد رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى تنظيم مجموعة جديدة واختار لقيادتها « عليّ بن أبي طالب » ، وأعطاه راية.
وطلب عليّ عليهالسلام من زوجته « فاطمة » بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله أن تأتي له بالعصابة التي كان يشدّها على جبينه في اللحظات الصعبة ، فتعصّب بها ، فحزنت « فاطمة » لمنظر زوجها وهو يتوجه بمثل هذه الصورة إلى « وادى اليابس » للقيام بأمر خطير ، وبكت إشفاقا عليه ، فسلاّها رسول الله صلىاللهعليهوآله وهدّأها ، ومسح الدموع عن عينيها (١).
ثم انّه صلىاللهعليهوآله شيّع عليّا حتى بلغ معه مسجد الأحزاب ، وعليّ راكب على فرس أبلق ، وقد لبس بردين يمانيّين ، وحمل رمحا هنديا بيده.
ثم توجّه عليّ عليهالسلام بأفراده نحو الهدف ، إلاّ أنه سلك طريقا غير الطريق المعروفة ليعمّي على العدوّ ، حتى أن الذين خرجوا معه تصوّروا أنه يقصد العراق ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في علي عليهالسلام حينما وجّهه لهذه المهمة :
« أرسلته كرارا غير فرّار ».
إن تخصيص « عليّ » عليهالسلام بهذه الجملة يكشف عن أن القادة الذين سبقوه في هذه الحادثة لم ينسحبوا فقط ، بل كان انسحابهم مقرونا بالهزيمة القبيحة.
هذا ويمكن أن نلخّص عوامل انتصار الامام عليّ عليهالسلام في هذه الموقعة
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ٨١ ، الارشاد : ص ٨٧.