فقال عمرو : هذه خصلة ما ظننت أن أحدا من العرب يسومني عليها ، ثم وثب عن فرسه ، ولكي يرعب عليّا عليهالسلام عرقب قوائم فرسه على عادة العرب في الجاهلية (١).
وهنا بدأ تصاول شديد بين البطلين ، وارتفعت بينهما عجاجة حجبت الرؤية ، وانما كان الناس يسمعون فقط صوت اصطكاك السيوف والدروع الحديدية وغيرها ، وبعد فترة من التصاول بين ذينك البطلين العملاقين ضرب « عمرو » « أمير المؤمنين عليا » عليهالسلام بالسيف على رأسه ، فاتقاه علي عليهالسلام بالدرقة فقطعها ، وشجّت الضربة رأسه ففاجأه عليّ عليهالسلام بضربة قوية على ساقيه فقطعهما جميعا ، ثم انكشفت العجاجة فنظر المسلمون فاذا عليّ عليهالسلام على صدر عدوّ الله يريد أن يذبحه. وارتفع صوت عليّ بالتكبير من بين العجاجة يعلن عن انتصاره ، ومقتل عمرو.
فألقى هلاك فارس العرب الاكبر « عمرو بن عبد ود » رعبا عجيبا في نفوس بقيه الابطال والشجعان الذين عبروا معه الخندق ، فهربوا راجعين الى معسكرهم ، إلاّ « نوفل » الذي سقط فرسه في الخندق ، وهوى هو إلى الارض بشدة ، فرماه حرس الخندق بالحجارة فقال : قتلة أجمل من هذا ، ينزل إليّ بعضكم فأقاتله ، فنزل إليه عليّ عليهالسلام فضربه حتى قتله في الخندق (٢).
فهيمن الخوف والرعب على كل أرجاء المعسكر العربي المشرك ، وبهت أبو سفيان أكثر من غيره.
ثم إنه كان يتصور أن المسلمين سيمثّلون بجسد « نوفل » انتقاما لحمزة الذي
__________________
(١) المغازي : ج ٢ ص ٤٧٠ و ٤٧١.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٢٠ ص ٢٥٦ ، تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٤٠.