تعتبر قصة مباهلة رسول الله صلىاللهعليهوآله مع وفد نجران من حوادث التاريخ الإسلاميّ المثيرة والجميلة ، وهي وإن قصّر بعض المفسّرين والمؤرخين في رواية تفاصيلها ، وتحليلها ، إلاّ أنّ ثلة كبيرة ، من العلماء كالزمخشري في الكشاف (١) والإمام الفخر الرازي في تفسيره (٢) وابن الاثير في الكامل (٣) أعطوا حق الكلام في هذا المجال وها نحن ننقل هنا نصّ ما كتبه الزمخشري في هذا المجال :
حان وقت المباهلة ... وكان النبي صلىاللهعليهوآله ووفد نجران قد اتفقا على أن يجريا المباهلة خارج المدينة ، في الصحراء ... فاختار رسول الله صلىاللهعليهوآله من المسلمين ومن عشيرته وأهله أربعة أشخاص فقط وقد اشترك هؤلاء في هذه المباهلة دون غيرهم ، وهؤلاء الاربعة لم يكونوا سوى على بن أبي طالب عليهالسلام وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله والحسن والحسين لأنه لم يكن بين المسلمين من هو أطهر من هؤلاء نفوسا ، ولا أقوى وأعمق إيمانا.
طوى رسول الله صلىاللهعليهوآله المسافة بين منزله ، وبين المنطقة التي تقرر التباهل فيها في هيئة خاصة مثيرة ، فقد غدا محتضنا الحسين (٤) آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها ، وهو يقول : إذا دعوت فأمّنوا.
كان زعماء وفد نجران ورؤساؤهم قد قال بعضهم لبعض ـ قبل أن يغدو
__________________
(١) ج ١ ص ٣٨٢ و ٣٨٣.
(٢) مفاتيح الغيب : ج ٢ ص ٤٧١ و ٤٧٢.
(٣) ج ٢ ص ١١٢.
(٤) جاء في بعض الروايات أن النبي غدا آخذا بيد الحسن والحسين تتبعه فاطمة وبين يديه عليّ ( بحار الأنوار : ج ٢١ ص ٣٣٨ ).