أوجدت كلمات عمير الفارس الشجاع ضجة كبرى بين رجال قريش وسادتها وزعمائها ، وانتاب الجميع خوف بالغ ورعب شديد من المسلمين.
فمشى حكيم بن حزام الى عتبة بن ربيعة ليقنعه بالعدول عن مقاتلة المسلمين ، فقال له : يا أبا الوليد إنّك كبير قريش وسيّدها ، والمطاع فيها ، هل لك إلى أن لا تزل تذكر فيها بخير الى آخر الدهر ، ترجع بالناس وتحمل أمر ( دم ) حليف عمرو بن الحضرمي ، وما أصاب محمّد من ماله ببطن نخلة (١) إنكم لا تطلبون من محمّد شيئا غير هذا الدم والمال؟!
فاقتنع عتبة برأي حكيم ، فجلس من فوره على جمله ، ووقف يخطب في المشركين من قريش بنطق جميل وبليغ يقول : يا قوم أطيعوني ولا تقاتلوا هذا الرجل وأصحابه ( يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله ) ، يا معاشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني الدهر ، إن محمّدا له آل ( أي قرابة ) وذمة وهو ابن عمكم فخلّوه والعرب ، إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمّدا وأصحابه شيئا ، والله لئن اصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه قتل ابن عمه أو خاله أو رجلا من عشيرته ، فارجعوا وخلّوا بين محمّد وسائر العرب ، فان أصابوه فذاك الذي أردتم وان كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون (٢).
وانطلق حكيم بن حزام الى أبي جهل وأخبره برأي عتبة ومقالته ، هذا وأبو جهل يهين درعه ، فانزعج أبو جهل من مقالة عتبة وموقفه انزعاجا شديدا وثارت ثائرته حسدا على عتبة ، وتعنتا عن الحق (٣) ، وبعث من فوره رجلا إلى عامر بن الحضرمي أخي عمرو الذي قتل في غزوة عبد الله بن جحش بنخلة
__________________
(١) إشارة الى ما جرى في سرية عبد الله بن جحش.
(٢) المغازي : ج ١ ص ٦٣ ، السيرة النبوية : ج ١ ص ٦٢٣ ، بحار الأنوار : ج ١٩ ص ٢٢٤.
(٣) قال صاحب المغازي : فحسده أبو جهل حين سمع خطبته وقال : ان يرجع الناس من خطبة عتبة يكن سيد الجماعة ، وعتبة انطق الناس!!!