وكانت يثرب مركز هذه القرى وامها وهي التي سميت في ما بعد بمدينة الرسول ، ومن ثم « المدينة » تخفيفا واختصارا.
وكان على كل قادم من مكة إلى المدينة ، أن يدخل من جنوب يثرب وحيث إن أرض هذه المنطقة ذات طبيعة صخرية لذلك يكون عبور الجيش من خلالها أمرا عسيرا وفي غاية الصعوبة.
من هنا عمدت قريش ـ عند ما وصل جيشها الى مشارف المدينة ـ تحاشت هذه المنطقة ، ودخلت من شمال المدينة ، واستقرت في وادي العقيق في سفوح جبل « احد » ، وقد كانت هذه المنطقة لعدم وجود نخيل فيها ، ولسهولة أرضها ، أفضل مكان للعمليات العسكرية ، وخير ميدان للقتال والحرب.
وقد كانت المدينة عرضة للخطر من هذه الناحية لأنه قلّما كان المرء يرى فيها موانع طبيعية.
نزلت قوى المشركين عصر يوم الخميس في الخامس من شوال من السنة الثالثة من الهجرة عند جبل « احد ».
وبقي النبي ذلك اليوم وليلته في المدينة ، وفي يوم الجمعة أقدم رسول الله صلىاللهعليهوآله على عقد شورى عسكرية ، واستشار قادة جيشه وأهل الخبرة والرأي من أصحابه في كيفية مواجهة العدو ، والتكتيك الذي يجب أن يتبعه المسلمون (١).
كان النبيّ صلىاللهعليهوآله قد امر من جانب الله تعالى أن يشاور أصحابه في الامور العسكرية وما يشابهها ويشركهم في قراراته وخططه التي يتخذها في المجالات المذكورة ، ليعطي بذلك درسا كبيرا للمسلمين ، ويوجد بين أصحابه وأتباعه روح الديمقراطية ( الصحيحة ) وتحري الحق ، والموضوعية.
__________________
(١) لم تكن هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي شاور النبيّ فيها أصحابه وقد ذكرنا عدة موارد من هذا النوع من التشاور والهدف منه في كتابنا : معالم الحكومة الاسلامية.