أعداء الرسالة الالداء ، وأموالهم ، ويسعى إلى حفظها وصيانتها ، كما لو كانوا أصدقاء لا أعداء.
فهو يعفو بمروءة كبيرة ، وبعد مدى واسع ، ورؤية مستقبليّة عميقة عن قريش ، ويغفر لهم جرائمهم وأذاهم ويصدر عفوا عامّا لم يعرف له تاريخ الفاتحين نظيرا في أسبابه ، وعلله ، وفي ظروفه وملابساته.
وإليك تفاصيل هذه الحادثة الكبرى من بدايتها إلى نهايتها.
لقد قرأنا في ما مضى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عقد في السنة السادسة معاهدة صلح مع قريش ، نصّت المادة الثالثة منها على : أنّ لكل من قريش والمسلمين أن يتحالفوا مع من شاءوا من القبائل ، فتحالفت « خزاعة » مع المسلمين ، وتعهّد رسول الله صلىاللهعليهوآله لخزاعة في هذا التحالف بان يدافع عن أرضهم وأموالهم وأنفسهم كلما تعرّضوا لخطر ، وطلبوا ذلك.
وتحالفت قبيلة « بني كنانة » ـ وكانوا من أعداء خزاعة التقليديين ـ مع قريش.
ولقد تم كل هذا في ضوء عقد معاهدة صلح مدتها عشر سنوات تعهّد فيها الطرفان بالحفاظ على الأمن الاجتماعي ، والسلام الشامل في كافة أرجاء الجزيرة العربية.
ولقد تعهّد الطرفان ـ في هذه المعاهدة ـ بأن لا يقوم أي واحد منهما بعمليات عسكرية وتحركات عدائية ، لا ضدّ الآخر ، ولا ضدّ حليف الطرف الآخر ، كما لا يحرّك حليفه ضد حليف الطرف الآخر.
ولقد انقضت سنتان من تاريخ التوقيع على هذه المعاهدة ، وعاش الجانبان في هذه الفترة في سلام ورفاه ، وأمن واستقرار إلى درجة أنّ المسلمين استطاعوا ـ بعد مضيّ سنة واحدة من التوقيع على تلك المعاهدة ، أن يزوروا ـ بكامل