واستشار أبو سفيان أهل الرأي من قريش في ذلك فاستقبحوه وشجبوه بشدة وقالوا :
لو فعلنا ذلك نبشت بنو بكر وخزاعة ( وهم أعداء قريش ) موتانا (١).
وبعث النبيّ صلىاللهعليهوآله ليلة الخميس الخامس من شهر شوال ، السنة الثالثة من الهجرة ، « أنسا » و « مونسا » ابني « فضالة » للتجسس على قريش خارج المدينة ، واخباره صلىاللهعليهوآله بتحركاتهم ، فأخبرا رسول الله صلىاللهعليهوآله باقتراب جيش المشركين إلى المدينة ، وانهم قد سرحوا إبلهم وخيولهم ترعى في مراعي المدينة.
كما أخبر « الحباب بن المنذر » هو الآخر باقتراب جيش المشركين إلى المدينة ، وان طلائع ذلك الجيش قد استقر على مقربة من جبل احد ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد بعث الحباب سرا وقال له : لا تخبرني بين أحد من المسلمين إلاّ أن ترى قلة.
وبخبر الحباب تأكّد ما أخبر به ابنا فضالة.
وحيث إن المسلمين كانوا يخافون على رسول الله صلىاللهعليهوآله من العدو ، أن يهاجموه ليلا ، لذلك باتت وجوه الأوس والخزرج ( الانصار ) ليلة الجمعة وعليهم السلاح في المسجد بباب النبيّ صلىاللهعليهوآله يحرسونه ، وحرست المدينة تلك الليلة حتى أصبحوا.
كان الوادي الطويل الكبير الذي يصل طريق الشام التجارية باليمن يسمى آنذاك بـ « وادي القرى » ، وكانت القبائل العربية من اليهود وغير اليهود تقطن في كل منطقة تتوفر فيها ظروف المعيشة ومستلزمات الحياة ، ولهذا نشأت على طول هذا الخط « قرى » بسبب وجود مناطق خصبة فيه وقد سوّرت بأسوار من الحجارة ،
__________________
(١) المغازي : ج ١ ص ٢٠٦.