المفيد (١) ـ : يا محمّد ننزل على حكم سعد بن معاذ.
وكان سعد آنذاك يتداوى في خيمة لامرأة تدعى « رفيدة » من سهم أصابه في معركة الخندق ، وكانت رفيدة تداوي الجرحى في سبيل الله ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعود سعدا بين الحين والآخر ، فلما حكّمه في بني قريظة أتاه فتيان الأوس ، وحملوه على حمار وقد وطئوا له بوسادة من أدم وكان رجلا جسيما جميلا ، ثم أقبلوا معه الى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما طلع سعد على رسول الله والناس حوله صلىاللهعليهوآله جلوس ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
« قوموا إلى سيّدكم ».
فقام الناس على أرجلهم صفين احتراما لسعد ، وحيّاه كل واحد منهم ، حتى انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد طلب منه رجال قومه مرارا أن يحسن الحكم في حلفائهم : يهود بني قريظة ، ويخلّصهم من خطر الموت والقتل قائلين : يا سعد أجمل إلى مواليك فأحسن فيهم فان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد حكّمك فيهم لتحسن فيهم.
ولكن سعدا حكم في ذلك المجلس ـ رغم كل ذلك الالحاح ، والضغط ـ بأن يقتل رجال اليهود ، وتقسّم أموالهم ، وتسبى ذراريهم ونساؤهم (٢).
ليس من شك في أنه اذا غلبت عواطف القاضي وأحاسيسه على عقله ، تعرض جهاز القضاء للفوضى والاختلال ، وانتهى الى تمزق المجتمع وسقوطه ،
__________________
(١) الارشاد : ص ٥٠ وأيضا راجع زاد المعاد : ج ٢ ص ٧٣ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٤٦.
(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٤٠ ، المغازي : ج ٢ ص ٥١٠ ، زاد المعاد : ج ٢ ص ٧٣ و ٧٤.