الجاهلية ، وقد جعل الله المؤمنين إخوة وحزبا واحدا ، فانما ينبغي أن تكون الدعوة للمسلمين ، وإلاّ كانت جاهلية ، لا قيمة لها في الإسلام (١).
وبذلك قضى النبي الحكيم على الفتنة في مهدها ، وجنّب المسلمين أخطارها.
أجل لقد استطاع رسول الله صلىاللهعليهوآله بهذا الاستنكار الشديد أن يطفئ نار الاختلاف والتنازع فكيف الفريقان ( القبيلتان ) عن استئناف التنازع والتقاتل.
إلاّ أن « عبد الله بن ابي » رئيس حزب المنافقين بالمدينة ، والذي كان يكنّ حقدا كبيرا على الإسلام وقد شارك في تلك الغزوة طمعا في الغنيمة ، أظهر ـ في هذه الحادثة ـ حقده ، وضغينته على الإسلام ، وقال لرهط من أهل المدينة كانوا عنده آنذاك : هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا الى غير داركم ، لقد نافرونا ( أي المهاجرين ) وكاثرونا في بلادنا ، والله ما أعدنا وجلابيب قريش إلاّ كما قال الأول : سمّن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل ( ويقصد بالأذل المهاجرين )!!!
فتركت كلمات « ابن ابي » أمام تلك الجماعة التي كانت لا تزال تعاني من بقايا عصبية جاهلية ، أثرها في نفوسهم ، وكادت توجه ضربة قاضية إلى صرح الوحدة الاسلاميّة ، والاخوة الايمانية التي كانت تشدّ المسلمين ـ أنصارا ومهاجرين ـ بعضهم ببعض كالبنيان المرصوص.
ومن حسن الحظ أن فتى غيورا من فتيان المسلمين هو زيد بن الارقم
__________________
(١) راجع هوامش السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٩٠.