« ارجعن يرحمكنّ الله فقد آسيتنّ بأنفسكنّ ».
وقيل لما سمع صلىاللهعليهوآله بكاءهنّ قال :
« رحم الله الأنصار ، فانّ المواساة منهم ما علمت لقديمة .. مروهنّ فلينصرفن » (١).
إن للنسوة المؤمنات صفحات مشرقة ، وعجيبة في تاريخ الاسلام ، لأننا قلما نجد لها نظيرا في عالم المرأة اليوم.
ومن تلك النسوة المؤمنات ذوات المواقف الرائعة والعجيبة في صدر الاسلام المرأة الدينارية ، التي اصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلىاللهعليهوآله باحد.
فانّها لما نعوا لها مصرع رجالها قالت : فما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟
قالوا : خيرا يا أمّ فلان ، هو بحمد الله كما تحبّين.
قالت : أرونيه حتى أنظر إليه؟
فاشير لها إليه حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل ( اي صغيرة ) (٢).
ما أعظم تلك الاستقامة ، وما أعظم ذلك الايمان الذي يجعل من الانسان طودا راسخا ثابتا في وجه العواصف والاعاصير.
لقد أشرنا في الصفحات الماضية بصورة إجمالية إلى قضية « عمرو بن الجموح » الذي آلى على نفسه أن يشارك في الجهاد مع ما كان به من العرج
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٩ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٦٣ و ١٦٤.
(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٩.