تلك المشكلة بحذق كبير ، وتدبير رائع جدا.
فقد امر من جانب الله تعالى بأن يؤاخي بين المهاجرين والأنصار.
فجمعهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم وقال لهم :
« تآخوا في الله أخوين أخوين ».
وقد ذكرت المصادر التاريخيّة الاسلامية ، مثل « السيرة النبوية » لابن هشام (١) اسماء كلّ متآخيين من المهاجرين والأنصار.
وبهذا الاسلوب كرّس رسول الله صلىاللهعليهوآله الوحدة السياسية والمعنوية بين المسلمين وقوّى اسسها ودعائمها.
وقد سببت هذه الوحدة ، وهذا التآخي الواسع في أن يقرّر حلا للمشكلتين الاوليين بسرعة وسهولة.
ولقد ذكر أكثر مؤرّخي السنة والشيعة ومحدّثيهم في هذا الموضع منقبتين عظيمتين ، نذكرهما نحن هنا أيضا : لقد آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بين ثلاثمائة من أصحابه من المهاجرين والأنصار وهو يقول : يا فلان أنت أخ لفلان.
ولما فرغ من المؤاخاة ، قال له علي عليهالسلام ، وهو يبكي :
« يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد »؟
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد أخذ بيده :
« أنت أخي في الدنيا والآخرة » (٢).
وقد ذكر القندوزي الحنفي هذه القضية بنحو أكثر تفصيلا اذ قال :
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي :
« والذي بعثني بالحق نبيا ما أخّرتك إلاّ لنفسي ، فأنت مني بمنزلة هارون من
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ١ ص ٥٠٤ ـ ٥٠٧.
(٢) المستدرك على الصحيحين : ج ٣ ص ١٤.