ففعلوا ذلك ثم دخلوا على النبي صلىاللهعليهوآله فسلّموا عليه فرد عليهمالسلام ، واحترمهم ، وقبل بعض هداياهم التي أهدوها إليه صلىاللهعليهوآله ، ثم إن الوفد ـ قبل ان يبدءوا مفاوضاتهم مع النبي صلىاللهعليهوآله قالوا : إن وقت صلاتهم قدحان واستأدنوه في أدائها ، فاراد الناس منعهم ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآله اذن لهم وقال للمسلمين : دعوهم فاستقبلوا المشرق ، فصلّوا صلاتهم (١).
وبذلك اعطى النبي صلىاللهعليهوآله درسا في التسامح الديني يدفع افتئات اعداء الاسلام على هذا الدين.
لقد نقل طائفة من كتّاب السيرة ، والمحدثين الاسلاميين نصّ الحوار الذي دار بين وفد نجران المسيحي ورسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولكن المرحوم السيد ابن طاوس نقل نص هذا الحوار وقضية المباهلة بنحو أدقّ واكثر تفصيلا ممّا ذكره الآخرون من المحدثين والمؤرخين.
فقد ذكر جميع خصوصيات المباهلة من البداية الى النهاية نقلا عن كتاب المباهلة لمحمد بن المطلب الشيباني (٢). وكتاب عمل ذي الحجة للحسن بن اسماعيل (٣) ، غير أن نقل جميع تفاصيل هذه الواقعة التاريخية الكبرى التي قصّر حتى في الاشارة إليها اشارة عابرة بعض أصحاب السير أمر خارج عن نطاق هذا الكتاب ، ولهذا فاننا نكتفى بنقل جانب من هذا الحوار الذي نقله رواه الحلبي في
__________________
(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢١٢.
(٢) هو محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عبيد الله بن البهلول بن همام بن المطلب المولود عام ٢٩٧ ه والمتوفى عام ٣٨٧ ه.
(٣) من اراد الوقوف على خصوصيات هذه الواقعة التاريخية فليراجع كتاب الاقبال للمرحوم السيد ابن طاوس ص ٤٩٦ ـ ٥١٣.