لابن هشام ، وامتاع الاسماع وغيرهما ان قيمة هذه المعاهدة تتجلى من ان النبي صلىاللهعليهوآله لم يصل الى المدينة حتى نزلت سورة الفتح التي وعدت المسلمين وبشّرتهم بالانتصار ويمكن اعتبار هذا العمل مقدمة لفتح مكة كما يقول تعالى : « إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً » (١).
لم يمض زمان طويل حتى أجبرت الحوادث المرّة قريشا على أن تبعث إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله من يطلب منه إلغاء المادة الثانية من معاهدة صلح الحديبية ، وهي المادة التي أغضبت بعض صحابة النبي صلىاللهعليهوآله وأثارت سخطهم ، وقبل بها رسول الله تحت إصرار من « سهيل » ممثل قريش في مفاوضات الحديبية.
تلك المادة التي تقول : على الحكومة الاسلامية أن تعيد كل مسلم هارب من مكة إلى حكومة مكة ، ولكن لا يجب على قريش أن تعيد كل هارب من المسلمين إلى مكة ، إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله .
وقد أثارت هذه المادة ـ المجحفة في الظاهر ـ سخط البعض واعتراضهم ، ولكن النبي صلىاللهعليهوآله قال لابي جندل في وقته :
« إنّ الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ».
ثم إن مسلما آخر يدعى « أبو بصير » كان قد حبسه المشركون ردحا طويلا من الزمن استطاع أن يفرّ من محبسه ويصل الى المدينة ، وقد وصلها سعيا على قدميه ، فكتب شخصيتان من شخصيات قريش هما : « أزهر » و « الأخنس » كتابا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله يطلبان منه إعادة أبي بصير إلى قريش
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٢٦٣ نقلا عنن اعلام الورى ، وزاد المعاد في هدى خير العباد : ج ٢ ص ١٢٦.