استعدادات العدوّ ، وطاقاته ، وقدرته على القتال.
من هنا كان مطمئنا إلى أن الانتصار في هذه المعركة بحاجة ـ مضافا إلى الخلفية المعنوية القوية وهي الايمان بالله والقتال ابتغاء لمرضاته ـ الى قوة عسكرية كبيرة جدا ولهذا بعث رجالا إلى مكة ، ونواحي المدينة يدعون المسلمين إلى المشاركة في الجهاد في سبيل الله ، ويحثّون أهل الغنى والثروة ، على تهيئة نفقات الجهاد في سبيل الله من الزكاة.
وأخيرا أعلن ثلاثون ألفا من المسلمين استعدادهم للمشاركة في هذه الغزوة واجتمعوا في معسكر عند « ثنية الوداع » وتهيّأ قدر كبير من نفقات القتال عن طريق الزكاة ، وكان الجيش الاسلاميّ يتألف من عشرة آلاف فارس ، وعشرين الف راجل.
وقد أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن تتخذ كل قبيلة راية لنفسها.
كانت غزوة « تبوك » خير محكّ لمعرفة المجاهدين الصادقين وتمييزهم عن غير الصادقين من أدعياء الإيمان والمنافقين لأن التعبئة العامّة لهذه الغزوة اعلنت في وقت كان الناس يستعدّون فيه للحصاد من جهة ، وكان الحرّ على أشدّه من ناحية اخرى ، فكشف تخلّف البعض ـ بالأعذار والحجج المختلفة ـ القناع عن وجههم الحقيقي ونزلت آيات في ذمّهم جميعها في سورة البراءة.
لقد تخلّف البعض عن المشاركة في هذه الغزوة للاسباب والعلل التالية :
١ ـ عند ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله للجدّ بن قيس ، ـ وكان من الشخصيات ذات المكانة الاجتماعية المرموقة ـ :
« أبا وهب هل لك العام تخرج معنا »؟
فقال : يا رسول الله أو تأذن لي ، ولا تفتنّي (١) فو الله لقد عرف قومي ما أحد
__________________
(١) أي أخشى الافتتان ببنات الروم فلا تفتني بهنّ يا رسول الله.