وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً » (١).
قال النبي صلىاللهعليهوآله هذا ولفظ أنفاسه الشريفة (٢).
في منتصف يوم الاثنين الثامن والعشرين من شهر صفر (٣) طارت روح النبي الاكرم المقدّسة إلى بارئها ، والى جنان الخلد ، فسجّى ببرد يماني ، ووضع في حجرته بعض الوقت ، وارتفعت صرخات العيال ، وعلا بكاء الاقارب فعرف من كان في خارج المنزل أن النبي صلىاللهعليهوآله قد قضى ، فلم يلبث أن انتشر نبأ وفاته في كل أنحاء المدينة التي تحولت بسرعة إلى مناحة كبرى ، ومأتم عظيم.
فصاح الخليفة الثاني خارج البيت ولأسباب خاصّة أنّ النبي لم يمت انما عرج بروحه كما عرج بروح موسى ، وانه لا يموت رسول الله صلىاللهعليهوآله ! وأصرّ على هذا الموقف وهدّد كل من يخالف ذلك ، وكاد أن يوافق عليه فريق من الناس لو لا أن أحد الصحابة تلا عليه قول الله سبحانه :
« وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ».
حتى فرغ من الآية ، فسحب عمر موقفه ، مستغربا من وجود مثل هذه الآية قائلا : هذا في كتاب الله؟ (٤)
ثم قام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بتغسيل جسد النبي الطاهر وكفنه لأن النبي صلىاللهعليهوآله كان قد قال : « يغسلنى أقرب
__________________
(١) النساء : ٦٩.
(٢) إعلام الورى : ص ٨٣.
(٣) وهو ما اتفق عليه محدثو الشيعة ومؤرخوهم ، ونقل في السيرة النبوية ج ٢ ص ٦٥٨ بصورة : قيل.
(٤) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٦٧.