وقال : قد وقع الأمر ، فتجهّزوا وتهيّأوا للقتال ، وبذلك جعلهم أمام الامر الواقع الذي ظنوا أنه لا مفرّ منه!! (١)
بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله عن طريق جواسيسه الاذكياء نقض بني قريظة للعهد ، في مثل ذلك الظرف الحساس ، فغمه غما شديدا. فأمر من فوره « سعد بن معاذ » و « سعد بن عبادة » ـ وكانا من خيرة رجاله الشجعان ومن قادة جيشه الممتازين ، كما أنهما كانا رئيسي الأوس والخزرج ـ بأن يحصّلا له على معلومات دقيقة عن هذا الحادث ، وأسبابه وملابساته ، وأنه اذا كان هناك خيانة ونقض للعهد فعلا أن يخبّراه وحده فقط ولا يخبرا أحدا به ويقولا : عضل والقارة لكيلا لا يفتّ ذلك أعضاد المسلمين ولا يضعف من معنوياتهم ، وأما إذا لم تكن هناك خيانة ، فيكذّبا الأمر بصراحة.
فذهب الرجلان ، واقتربا إلى حصن بني قريظة ، فأشرف عليهما كعب من داخل الحصن ، فشتم سعدا وشتم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وبذلك أظهر نقضه للعهد والميثاق فأجابه سعد ـ بالهام غيبي ـ : إنّما أنت ثعلب في جحر ، لتولّينّ قريش ، وليحاصرنّك رسول الله صلىاللهعليهوآله ولينزلنك على الصغار والذلّ وليضربنّ عنقك.
ثم رجعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالا له : عضل والقارة. فكبّر رسول الله صلىاللهعليهوآله قائلا برفيع صوته : « الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين بالفتح » (٢).
وهذه العبارات تكشف عن مبلغ شجاعة رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) المغازي : ج ٢ ص ٤٥٦ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٢٢٢ و ٢٢٣.
(٢) المغازي : ج ٢ ص ٤٥٩.