ثم عاد لمثلها فأخذ بفود رأسه وقال : اضربوا عدوّ الله ، فضربوه بسيوفهم ، وطعنه أبو نائلة بخنجر في بطنه ، وصاح صيحة ثم وقع على الارض ولم تنفعه استغاثاته.
ثم عاد هذا الفريق الفدائي إلى المدينة من فورهم ولما بلغوا « بقيع الغرقد » كبّروا ، وقد قام رسول الله صلىاللهعليهوآله تلك الليلة يصلّي ، فلما سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله تكبيرهم بالبقيع كبّر ، وعرف أنهم قد قتلوه.
وبهذا أعلنوا عن نجاح عمليّتهم الفدائية الجريئة التي أراحت رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه من شرّ ذلك المفسد الخطير الذي لم يفتأ عن إيذاء النبيّ صلىاللهعليهوآله وتناول أعراض المسلمين في أشعاره ... (١).
وكان أبو رافع سلام بن أبي الحقيق اليهودي يظاهر كعب بن الاشرف على رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقوم بنفس الدور الخبيث الذي كان يقوم به ابن الاشرف من الايذاء والازعاج للنبيّ صلىاللهعليهوآله والمسلمين. فقام فريق فدائي آخر من المسلمين باغتياله على غرار اغتيال صاحبه في عملية فدائية جسورة على نحو ما رواه ابن الأثير في كتابه : الكامل في التاريخ بصورة مفصلة (٢).
وقد كانت هاتان العمليتان وامور اخرى من أسباب اندلاع معركة « احد ».
وقد حان الأوان الآن أن نستعرض تفاصيل هذه الواقعة الكبرى!
كانت بذور الرغبة في الانتقام والثأر من المسلمين قد بذرت في مكة من زمان وقد ساعدت خطة المنع من البكاء والنياحة على القتلى على اذكاء روح الانتقام هذه لدى قريش.
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥١ ـ ٥٦ ، المغازي : ج ١ ص ١٨٤ ـ ١٩٠.
(٢) الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ١٠١.