يومك (١).
إن النبي صلىاللهعليهوآله وإن لم يستخدم هذه الادوات التخريبية إلاّ أن المعلومات التي وقف عليها من ذلك اليهودي الأسير كانت مهمة لأنّها أوضحت نقطة الحملة غدا ، وعرف النبي صلىاللهعليهوآله أن التغلّب على حصن « النطاة » لا يحتاج الى قوة كبيرة ، وأنه لا بدّ من رعاية المزيد من الحيطة والحذر عند فتح حصن « الشق ».
نموذج آخر : عند فتح إحدى القلاع أتى يهودي إلى النبي صلىاللهعليهوآله بعد ثلاثة أيام مضت على محاصرتها وقال ـ ولعلّه لتخليص نفسه ـ : إنك لو اقمت شهرا ما بالوا ، لهم جدول تحت الأرض يخرجون بالليل فيشربون بها ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمنعون منك ، فان قطعت مشربهم عليهم ضجهم.
وفي رواية أن النبي صلىاللهعليهوآله لم يوافق على قطع الماء عن العدو (٢).
وفي اخرى ؛ قطع عليهم مشاربهم موقتا فلم يطيقوا المقام على العطش (٣).
ولقد ذكرنا تغاني علي بن أبي طالب ، وبطولته في هذه الموقعة بصورة مجملة ، وها نحن ننقل عبارة قالها هو عليهالسلام عن هذه المسألة :
وردنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله خيبر على رجال من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها ، فتلقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح ، وهم في أمنع دار وأكثر عدد ، كل ينادي ويدعو ويبادر إلى القتال ، فلم يبرز إليهم من أصحابي أحد إلا قتلوه حتى احمرّت الحدق ، ودعيت إلى النزال ، وأهمّت كل امرئ نفسه ، والتفت بعض أصحابي إلى بعض وكل يقول : يا أبا الحسن انهض.
__________________
(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٣٥.
(٢) ناسخ التواريخ : ج ٢ ص ٢٩٩. المصدر السابق ص ٤٠.
(٣) الخصال : ص ٣٦٩.