العربية هذه المشكلة.
فقد كان يتوجب عليه ـ بغية إقرار الأمن والهدوء والحفاظ عليهما في البيئة الاسلامية ـ أن يبادر الى وضع نهاية لهذه المعضلة ، وأن يعالج هذا الداء المزمن فلم يجد دواء لهذا الداء إلاّ أن يطلب من الناس كافة أن يتنازلوا عمّا لهم من دماء في أعناق الآخرين سفكت في العهد الجاهلي ، وأن تعتبر جميع ملفات العهد القديم باطلة ، ومنتهية ، ليمكن عن هذا الطريق الحيلولة دون إراقة الدماء التي تعرض المجتمع الاسلامي الناشئ للخطر ، وحتى ينتزع من أذهانهم ونفوسهم فكرة الاغارة والقتل العشوائي الذي كان يتم بحجة القصاص في حين كان من الممكن ان يتم بشكل القصاص الحقيقي العادل ، فقال صلىاللهعليهوآله للوصول إلى مثل هذه الغاية السامية.
ألا إن كلّ مال ومأثرة ودم في الجاهلية تحت قدميّ هاتين ».
ولقد ارتبط قسم من خطاب رسول الله صلىاللهعليهوآله في ذلك الحشد العظيم بمسألة اتحاد المسلمين ووحدة كلمتهم ، وحق المسلم على اخيه المسلم.
وقد كان مقصوده صلىاللهعليهوآله من بيان هذه الحقوق المتبادلة بين المسلمين التي تعتبر من مميزات الدين الاسلامي الحنيف ، هو أن يرغّب غير المسلمين في الاسلام إذا هم سمعوا ورأوا مثل هذه الحقوق ، ومثل هذه العلاقات المتينة بين المسلمين.
فقد قال في هذا الصعيد :
« المسلم أخو المسلم ، والمسلمون إخوة وهم يد واحدة على من سواهم ، نتكافؤ دماؤهم ، ليسعى بذمتهم أدناهم » (١).
__________________
(١) لقد نقلنا هذه المختارات من : روضة الكافي : ص ٢٤٦ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤١٢ ، المغازي : ج ٢ ص ٨٣٦ ، بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٠٥ ، شرح ابن أبي الحديد : ج ١٧ ، ص ٢٨١.