جعل من نفسه ترسا يقي النبيّ صلىاللهعليهوآله من سيوف الكفار ورماحهم ، وسهامهم وأحجارهم ، وقد وقعت سهام كثيرة في ظهره ولكنه ظل مترسا بجسمه دون النبيّ ، وبذلك حافظ على حياته الشريفة (١).
وقد جاء أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال له يوم « احد » بعد ان فرّ وانهزم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وحاصره الكفار من كل جانب يا أبا دجانة أما ترى قومك ، قال : بلى ، قال : « الحق بقومك وأنت في حل من بيعتي ، أمّا عليّ فهو أنا وأنا هو ».
فبكى أبو دجانة بكاء مرا وقال :
لا والله ، لا جعلت نفسي في حل من بيعتي إني بايعتك ، فالى من أنصرف يا رسول الله الى زوجة تموت ، أو ولد يموت ، او دار تخرب ، او مال يفنى ، أو أجل قد اقترب؟
فرّق له النبيّ صلىاللهعليهوآله فلم يزل يقاتل حتى اثخنته الجراحة وهو في وجه و « عليّ » في وجه ، فلما سقط احتمله علي عليهالسلام فجاء به إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فوضعه عنده فقال : يا رسول الله أوفيت ببيعتي؟ قال : نعم (٢).
وقد ذكر في كتب التاريخ أشخاص آخرون كعاصم بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، وطلحة بن عبيد الله ، وغيرهم ممن يبلغ ـ حسب بعض الكتب ـ ٣٦ شخصا ادعي أنهم ثبتوا ولم يفروا ، إلاّ أنّ ما هو مسلم به تاريخيا هو ثبات علي عليهالسلام وأبي دجانة ، وحمزة وامرأة تدعى أم عامر ، وأما ثبات غير هؤلاء الأربعة فامر مظنون بل ومشكوك في بعضهم.
٣ ـ حمزة بن عبد المطلب ، عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان من شجعان العرب ومن المعروفين ببطولاته في الاسلام ، وهو الذي أصرّ على أن
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٨٢.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ١٠٧ و ١٠٨ عن روضة الكافي : ص ٣١٨ ـ ٣٢٢.