« وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ » (١).
لقد كشفت التجربة عن ان عواطف الشخصيات الكبرى تجاه ابنائهم تتضاءل اثر تراكم النشاطات وتزايد الاهتمامات والهموم ، لأنّ الاهداف الكبرى ، والاهتمامات العالمية تشغل بالهم وفكرهم إلى درجة لا تترك لهم مجالا لمشاعرهم العاطفية بالظهور والتجلّي ، بيد أنّه يستثنى الشخصيات الروحانية والمعنوية الكبرى من هذه القاعدة فهم مع ما يشغل بالهم من الاهداف الكبرى ، والاهتمامات العالية ، والشواغل اليومية الكثيرة يمتلكون روحا كبرى ونفسية طيبة سامية فلا يمنعهم عمل عن آخر ، ولا يشغلهم شغل عن آخر ، فلا مكان للضمور العاطفي عندهم ، ولا مكان للجمود الاحساسيّ في حياتهم الاجتماعية والعائلية.
إن محبة النبي صلىاللهعليهوآله لابنته الوحيدة فاطمة كانت من ابرز التجليات العاطفية الانسانية في شخصية النبي الاكرم صلىاللهعليهوآله ، ولهذا لم يعهد أن يسافر رسول الله من دون أن يودع ابنته ، كما لم يعهد أن يرجع المدينة من دون ان يزور ابنته قبل أي أحد ، كما كان يحترمها عند زوجاته احتراما لائقا بها ويقول لاتباعه :
« فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني » (٢).
كما أن رؤية فاطمة كانت تذكرة باشد نساء العالمين طهرا ووفاء ، وعطفا ولطفا ، ( خديجة ) التي تحملت في سبيل أهداف زوجها المقدس متاعب كبيرة ،
__________________
(١) آل عمران : ١٤٤.
(٢) صحيح البخاري : ج ٥ ص ٢١.